نزار ب. الزين*
تجمع الجيران في بيت المهندس مروان ، فقد كان مذياعه جديدا ، و صوت المذيع فيه واضحا ، خالٍ من أي تشويش ، كانوا جميعا يتابعون حرب حزيران ، و أناشيد إذاعة صوت العرب الحماسية و على رأسها : ” الله أكبر ..الله و أكبر .. الله أكبر فوق كيد المعتدي ” ، فتشتعل حماستهم ، مع كل نبأ انتصار جديد .
بينما كان الأستاذ هاشم قد ثبت على طاولة الوسط في غرفة ضيوف بيته خارطة للوطن العربي ، يتابع من خلالها مجريات المعركة ، متنقلا من محطة إذاعة إلى أخرى ، إذاعة لندن ، إذاعة الشرق الأوسط ، و حتى إذاعة تل أبيب ؛
ثم ..
يعود إلى الإذاعات العربية ،
ثم …
يعود إلى خارطته .
يدخل الأستاذ هاشم إلى بيت جاره منفعلا ، جميع الحضور مشدودون إلى إذاعة صوت العرب ،
جميعهم يرددون مع نشيدها المميز :
“الله أكبر .. الله أكبر .. الله و أكبر فوق كيد المعتدي”
يقول لهم و قد اعتصر الألم قلبه :
” يا جماعة قطاع غزة محاصر . “
يصيحون في وجهه لائمين :
” أنت إنهزامي ! “
يعود في اليوم الثاني ليقول لهم بعين دامعة :
“صدقوني لقد سقط القطاع . “
يجيبونه غاضبين : ” أنت طابور خامس !! “
يعود إليهم في اليوم الثالث كمن ضُرب على أم رأسه :
” يا إخوان ، لقد سقطت القدس الشرقية . “
يجيبونه و قد قطبوا جباههم و لووا أفواههم :
” أنت مصدر شؤم يا حضرة الأستاذ !!! “
فامتنع عن زيارة جاره و الجمهرة المتجمعة عنده .
و عاد إلى خارطته و إذاعات الآخرين ، يقارنها بالإذاعات العربية ، ليرسم من خلالها أبشع هزيمة تعرضت لها أمة العرب .
في اليوم الثامن ، صادف الأستاذ هاشم جاره المهندس مروان ، و لدهشته البالغة بادره قبل أن يحييه ، قائلا :
” لقد خسرنا معركة و لم نخسر حربا ! “
——————
سوري مغترب