قصة قصيرة واقعية

نزار ب الزين*

لم يتمكن سعيد من مقاومة إعجابه بجارته أزهار و الذي ما لبث أن تحول إلى رغبة جامحة أقلقته و أرقته …

و لكي يتقرب منها تقرب إلى شقيقتها العانس أنهار ، و  التي ما لبثت أن وقعت بحبه رغم  أنه زوج و أب لأطفال ثلاثة …

و ذات يوم طلب سعيد من أنهار أن تدس تحت سرير شقيقتها ، مسجلة متطورة تسجل فقط مع ظهور أي صوت ، و قدم لها مقابل ذلك خاتم الخطوبة ….

أبت أنهار و استكبرت

ثم …

اشمأزت و غضبت ،

ثم …

سألت و استفسرت ،

 ثم …..

تركته يُدخل الخاتم في إصبعها !!!.

ما أن غادر كمال زوج أزهار إلى عمله ، حتى قرع سعيد بابها ..

= عذرا ، أنهار ليست هنا يا أبا نائل !

– أعلم ذلك ، إنما جئت إليك ، معترفا بحبي ، لقد وقعت بشباك هواك منذ رأيتك أول مرة ..و ما خطوبتي لأنهار إلا واسطة تقربني منك …

حاولت أن تغلق الباب في وجهه ، و لكنه وضع قدمه مانعا ، محاولا الدخول عنوة ..

قالت له بفم مرتعش ، و قد اشتعل وجهها غضبا :

= إن لم ترحل على الفور، فسأصرخ و أفضحك أمام الجيران …

أجابها بصوت كفحيح الأفعى :

– علامَ كل هذا الإخلاص … أنت متزوجة من مختلس يا  “ست أزهار” ، علمت ذلك – بحكم عملي-  من مدير شركته ، و سيحال للمحكمة وشيكا ، و أنت أيضا تعلمين بذلك  ، و إليك البرهان ..

ثم ..

أخرج من جيبه شريط “كاسيت” و قدمه لها ، قائلا :

– إصغي إليه ..و سأدعو نفسي إلى فنجان قهوة عندك غدا…

ثم …

و قبل أن تغلق الباب في وجهه ، أضاف :

– لعلمك ، لديَّ عدة نسخ من الشريط !!!

أصغت إلى الشريط  مندهشة ، “ترى كيف تمكن من تسجيله ؟” تساءلت في سرها !!

كان حوارا بينها و بين زوجها دار ليلة أمس :

– ماذا تم بمشكلتك يا كمال ؟..

= لا زالت عالقة ، و ربنا يجيء بالعواقب سليمة ..

– و لكن ، كيف سولت لك نفسك أن تختلس من صندوق الشركة يا كمال ؟ و ما حاجتك إلى ذلك  ؟ مع أن راتبك جيد ، و الحالة مستورة و الحمد لله  ؟!!!

= أردت الإحتفال بعيد زواجنا !..

– و لكن ألم تدرك خطورة ذلك ؟….

= لم أرضَ أن تمضيَ هذه المناسبة دون احتفال و دون إهدائك ما يليق بحبنا ..و بصبرك على عدم قدرتي على الإنجاب !

– توقع نفسك بورطة كبرى قد تخسر بها عملك و ربما تعرضك كذلك للسجن ، من أجل إهدائي ذلك العقد يا أحب الناس ؟!! و من قال لك أنني منزعجة من عدم الإنجاب ؟ إنها إرادة الله يا حبيبي ..

ثم أردفت بعد فترة صمت :

– لكم أقدر لك ذلك و لكن أرجوك ،  خذ العقد معك منذ صباح الغد  و كل ما يلزم من مجوهراتي ، بعها و أعد المبلغ لصندوق الشركة ، فقد يسامحونك و ينهون الموضوع …

بعد ظهر ذلك اليوم ، قال سعيد لأنهار عابسا :

– احتفظي  بالخاتم  الماسي ، و إليك  إضافة إليه  خمسمائة  دينار ، تقديرا  لجهدك  و نجاحك  بالمهمة ..

أجابته ذاهلة :

= كأني بك تريد أن تقول ..

فأكمل الجملة عنها :

– نعم ، هذا فراق بيني و بينك !!!!

ثم ..

 فجَّر قنبلته بكل نذالة …

– نعم هذا ما أردت قوله ..و أعترف أني مدله بحب شقيقتك أزهار .. و أريدك أن تساعديني في الوصول إليها ، و لك خمسمائة أخرى إذا تم ما أريد !!!…

بعد فترة صمت طالت ، و من بين شفاه أغرقتها الدموع ، أجابته :

= و أنا كنت الوسيلة ؟!!..

ثم ……

أعادت إليه الخاتم و النقود

ثم …….

و بصعوبة بالغة ، و قفت مغالبة دوارا كاد يوقعها أرضا ..

ثم …

غادرت مهرولة …..

و نحو بيت شقيقتها حثت خطاها ، و بين ذراعيها اعترفت بكل ما بدر منها من حقارة ، طالبة  منها  المغفرة …

ثم ….

أجهشت بالبكاء .

عندما قرع سعيد باب أزهار صبيحة اليوم التالي ، فتحت الباب أنهار و بجوارها كانت تقف شقيقتها أزهار..

و إذ شاهد وقفتهما المتحدية ، قال لهما مهددا بكل خساسة و لؤم :

– سأوصل الشريط إلى المسؤولين … ففيه اعتراف من قبل زوجك لا لبس فيه …و به سيذهب كمال  إلى السجن على الأقل أربعة أعوام …

أجابته أزهار شامخة :

= إذهب و شريطك إلى الجحيم !!!..

——————-

*نزار بهاء الدين الزين

  سوري مغترب