قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
في ليلة إشتدت ظلمتها و في طريق العودة إلى مدينتهما من مدينة مجاورة ، جلس رفيق مع زوجته في المقعد الخلفي لسيارة أجرة عامة ، و كان قد دفع أجرة مقعد إضافي ليضمن الراحة لهما ، في سفر يستغرق حوالي ساعتين أو أكثر قليلا ، و جلس إلى جانب السائق راكب آخر ، ثم انطلقت بهم السيارة .
بعد أقل من عشر دقائق ، أخرج الراكب المذكور علبة لفائف التبغ ، بكل هدوء سحب منها لفيفة (سيكاره) ، أشعلها ، و أخذ ينفث دخانها ليصفع به وجْهي رفيق و زوجته مع كل زفير .
” أرجوك يا أخ أن تمتنع عن التدخين ، فإنني مريض بداء الربو و الدخان يؤذيني ” قال رفيق ، فأجابه الراكب ساخرا شامخا بأنفه : ” تريدني أن أنقطع عن التدخين ساعتين ؟ أنا لا أستطيع الإستغناء عنه دقيقتين ! أما مرضك فهو من شأنك ! “
تتدخل زوجة رفيق متوسلة : ” الناس للناس يا أخ ، و نحن لا نأمرك بل نرجوك ، أنت قد إبتليت بالتدخين فلا تسبب الضرر لغيرك ! “
يخرج لفيفة أخرى ، يشعلها بكل عجرفة و تحدٍ ، و يبدأ من جديد ينفث بدخانها ليتسرب إلى خياشم رفيق و رئتيه ، ثم لا تلبث نوبة سعال شديد أن إنتابته .
تهدأ نوبة السعال ، يوجه حديثه إلى السائق : ” يا أخي أنت قائد السيارة ، و من صلاحيتك أن تمنع الركاب عن التدخين .” يجيبه السائق بغِلظة : ” يا سيد ، هذه سيارة أجرة عامة، أنت لم تستأجرها لحسابك الخاص “
يخرج ( كابتن السيارة ) علبة لفائفه ،
بكل هدوء يخرج منها لفيفة ،
يضعها بطرف فمه ،
يشعلها بكل عجرفة و تحدٍ ،
و يبدأ يتفث دخانها ،
ليصفع به وجهي رفيق و حرمه ….!
———————–
سوري مغترب