نزار ب. الزين*

 – داد* ، أنا سوزي

يجيبها بجفاء :

– خيرا ماذا تريدين ؟

– أنا ابنتك و حبيبتك سوزان ، هل نسيتني يا أبي ؟

يجيبها بغلظة :

– أنا لا أعرفك ، ليس عندي ابنة اسمها سوزان ، (النمرة غلط)

– ألهذه الدرجة أنت حاقد عليَّ يا أبي ؟

نسيت سوزان التي كانت متعلقة بك حد الجنون ، بمثل هذه السهولة ؟ كرهتها ، بمثل هذه السهولة ؟

نسيت سوزان التي كنتَ تؤرجحها بيديك و ترفعها فوق كتفيك ، و تلاعبها بالكرة ، و تصحبها إلى مدينة الملاهي ، و تحكي لها القصص  الجميلة قبل النوم  ؟

يجيبها  بصوت متحشرج :

– أنا لم أنسَ ابنتي التي كانت لطيفة محبة لأبيها حتى بلغت سن الرابعة عشر ، و لكن تلك الإبنة اللطيفة ماتت بعد أن تجاوزت الرابعة عشر !

تجيبه باكية :

– أنا لم أمت  يا أبي ، لا زلت حية ، و لازلت أذكر أن لي  أبا  كان محبا رؤوفا حانيا ، ثم انقلب إلى أب غاضب و قاسٍ !

يجبها و قد دمعت عيناه و ارتعشت شفتاه و هو يكاد يختنق انفعالا :

– أنت خرجت عن طاعتي ؛

منذ البداية قلت لك أنني لا أتقبل أن يكون لابنتي صديقا ذكرا ( بوي فراند* ) و لكنك لم تأبهي لكلامي .

تجيبه بصوت مرتفع :

– قلت لك مرارا أن كل زميلاتي لديهن أصدقاء ذكورا خاصتهن ، و من لا تصادق يعتبرونها غريبة الأطوار ، إنعزالية و غير اجتماعية ، أو يتهمونها أنها مثلية ! .

دادي ، قلت لك و قالت لك أمي أننا نعيش في أمريكا ، و لسنا في البلاد العربية ، و لكنك لم تشأ أن تتكيف !

يجيبها و قد ازداد انفعالا :

– أتكيف مع الخطيئة ؟ أتكيف مع الشيطان ؟

لقد عصيت أمري ، و تآمرت مع أمك اللعينة ضدي ، ثم شكوتماني للشرطة ،  و عرضتماني للتأنيب و الإهانة و توقيع التعهدات و التهديد بالمحكمة و السجن إذا لم أفعل ؛  ثم تدَّعين أنك ابنتي ؟

– داد ، تذكر …

تذكر أنك كدت تقتلني أنا و أمي ، لقد أدميتنا و كدت تسحق عظامنا ، هل نسيت؟ !

يعود إلى لهجته القاسية ، قائلاً :

– ليس لدي إبنة إسمها سوزان ، و سأقفل الخط …

تصيح :

– لا دادي …لا ..لا ، لا تقفل الخط أرجوك ، لديَّ ما أقوله ، و في غاية الأهمية  !…

يصمت ، بينما تتابع :

– دادي ، لقد حاول صديق أمي أن يغتصبني ، و لما  شكوته لأمي  ، طردتني ؛ و أنا الآن في الشارع و لا أملك في جيبي أكثر من عشرة دولارات …

دعني أراك و أشرح لك كل شيء …..أرجوك !

يصمت لفترة و هو يفكر ،

ثم يجيبها بجفاء و قد دمعت عيناه :

– سوزان التي أعرفها ماتت !

نعم ماتت …

ليس لدي الآن إبنة  اسمها سوزان …

ثم أعاد مسرة الهاتف إلى موضعها بعصبية ، و أجهش بالبكاء .

——————-

* الأمريكيون ينادون الوالد بكلمة ( داد ) أو ( دادي ) بدلا من أبي أو بابا

* بوي فرند ( Boyfriend  ) : صديق خاص بعلاقة حميمة جدا و كأنه زوج

——————

*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب