أقصوصة

.

نزار ب  الزين

       كنا نعيش في حي على  حدود الريف ،  و كان الشهر تموز ، و كان يوما فُتحت فيه في كبد السماء طاقة أطلت منها جهنم ، و لكننا في لهونا تجاهلناها حتى انبثق الماء من مسامات جلودنا نزفا ، فتباطأنا و كدنا ننصرف ، لولا أن هدير النهر القريب أغوانا فاستجبنا له ،

ثم ..

خضنا فيه ،

ثم …

تراشقنا بمائه ، فبلغ صراخنا و ضحكنا عنان السماء ، و شعرنا أن الأرض بما عليها صارت ملكنا ،

ثم ….

اكتشفنا أن النهر أغرقنا بمائه ،

ثم …..

انتبهنا أن البلل اخترق ثيابنا و نفذ حتى العظام ،

ثم …….

جاءني الإلهام ليخلصني مما أنا فيه من حيرة و اضطراب ، فبدأت أنضو عني ثيابي قطعة قطعة ، و أنشرها فوق العشب حتى إذا جفت ، ارتديها و أعود إلى بيتي و كأن شيئا لم يكن ، و لكنها لم تجف بالسرعة التي اردت …

ثم …….

 مر البستاني الحاج ابو عمر ، فأفزعني ظهوره ، حاولت الإختباء منه ، إلا أنه اقترب مني  و هو يضحك ملء شدقيه ،

ثم …….

 نزع عنه سترته و لفني بها و هو يطمئنني :- “عندما تجف ملابسك اتركي سترتي فوق هذا الغصن و سآخذها فيما بعد”

ثم ……… مضى .

كنت في العاشرة أو الحادية عشرة يومذاك ، و حتى اليوم و أنا في الأربعين ، لا زلت أذكر ذلك الموقف الطريف فأضحك في سري ، و ما فتئت ادعو للحاج أبو عمر بسعادة الدارين.

يجيبها زوجها و قد جحظت عيناه و تجعد جلد جبينه : – ” يعني الحاج عمر رآك عارية كما  ولدتك أمك ؟!”

“قلت لك ..كنت في العاشرة….” أجابته مستغربة !!!

كان وجهه قد اشتعل غضبا عندما نطق بقراره :- “أنت طالق .. طالق.. طالق .!.!.”

==================
*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب