يبدو أنهما عاملاها منذ البداية معاملة إبنة بين والديها ، أو لعل والديها الحقيقين لم يرعيا طفولتها كما يجب ؛ مما دفعها للتعلق بمخدوميها ؛ فحتى عندما  طلب يدها أحد أقارب والدها رفضت ذلك بعناد و إصرار ، مما أدى في النهاية إلى قطيعة بينها و بين أفراد أسرتها ..,

كانت تعلم أن لديها راتبا شهريا أصر مخدومها ألا تمسه حرصا على مستقبلها ، و لما كانت “سونيا” أميّة تماما لا تعرف القراءة أو الكتابة أو أبسط علميات الحساب ، كانت تسأل مخدومها من حين لآخر عما بلغه وفرها في البنك ، فتتقبل ما يقدمه لها  من أرقام ، فرحة مطمئنة إلى مستقبل كريم ؛ و ليزداد بالتالي تفانيها بخدمته و زوجته ..

عندما توفيت مخدومتها إثر مرض عضال ، ظن الكثيرون من المقربين ، أن سونيا ستتزوج مخدومها ، و لكن شيئا من هذا لم يحصل ، بل استمرت في خدمته و خاصة عندما تفاقم لديه مرض السكري ..

ثم … توفي مخدومها ….

كان أول عمل قامت به سونيا بعد مراسم الدفن ، أن حملت دفتر حسابها في البنك و توجهت إليه راجية المسؤول أن يبين لها مقدار ما وفرته طوال تلك السنين ، و كانت صدمتها مريعة عندما شرح لها ذلك ، حيث تبين أن وفرها الذي طالما حلمت به لا يتجاوز بضعة آلاف من الليرات ، بينما كانت تظن أنها تملك عدة ملايين ، كما كان مخدومها يؤكد لها !…

  * نزار  بهاء  الدين  الزين

سوري  مغترب