قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
دأب حسن على استدراج الفتيات الصغيرات و هن في طريقهن إلى المدرسة أو عائدات منها …
إبتدأ بإحدى قريباته ،
أغراها باستعراض طيوره ؛
ذلك أن ركناً من منزل العائلة حوله إلى قفص كبير ..
ملأه بشتى أنواع البلابل و الحساسين و العنادل و الكناري ..
مبهرة بألوانها و تغاريدها ..
هواية رائعة ، قال الأهل فرحين !
أهله كلهن من النساء ، والدته و إثنتين من عماته ؛ فالأب متوفى منذ سنوات و العمتان عانستان .
و الحالة المادية ( فوق الريح ) ، تسمح لحسن أن ينفق على هوايته بسخاء ..
إنها أفضل لشاب مراهق من الإختلاط بأصدقاء السوء !!…
على هذا أجمعن ،
على الأقل أفضل من التدخين الذي إبتُلى به معظم من هم في سنه ،
هواية تحظى بمعظم وقت فراغه :
(( الله يرضى عليه حسن.. لا طلعة و لا فوتة ! )) تردد عمتاه …
(( يقبرني حسون… الأطيار و ليس في حياته غير الأطيار! )) تردد أمه..!….
أما هن – الوالدة و العمتان – فلهن هواية أخرى ، هواية الإستقبالات ، حيث يلهون مع قريباتهن أو صديقاتهن بين رقص و غناء و قص الحكايات و تداول الإشاعات ..مرتين أو ثلاثا كل أسبوع، و كل مرة في دار مختلفة …
قريبة حسن هذه ، سكتت عن مداعباته مقابل الفرجة على الطيور و إطعامها ، و كذلك مقابل ملء جيوبها بالحلوى ؛
قريبته هذه دعت– ذات يوم – صديقتها ، فدخلت معها الدار مترددة ، و اتجهت إلى ركن الطيور في شيء من الخوف ، احتفى بها حسن ، قدم لها قطع الحلوى ، علمها كيف تنثر الحبوب لإطعام الطيور ، سمح لها أن تمسك بفراخها ، فاطمأنت إليه ، و لكنه بيّن لها أنواعها و أسماءها و هي فوق حجره ..
و توالت من ثم زيارات الفتيات الصغيرات..
و ذات يوم …
كانت الزائرة فتاة أكبر من الأخريات ..
و أجمل ..
و أنضج …
و لكن أصغر عقلا ، متخلفة في دراستها فقضت في كل صف دراسي سنتين أو أكثر ..
استسلمت له بسهولة..
فذهب معها بعيدا عن المألوف ..
و بسهولة أبلغت والدتها أين تأخرت …
و بيسر أخبرتها عن سبب التأخير !…
و هكذا إنكشف الأمر !
و كانت فضيحة ذات أجراس ..
فسيق حسن إلى التوقيف فالمحاكمة ثم إلى السجن …
و لكن …
رغم ثبوت الجرم و كثرة الشهود من البراعم …
ظلت أمه و عمتاه ، يقسمن أغلظ الأيمان لكل سائل ، أن حسن بريء !
و أن التهمة كلها إفتراء و مؤامرة …
و أن القاضي إرتشى ، فظلمه …
و ظلت أمه و عمتاه ، يحملن له كل أسبوع ، ما لذ و طاب …
حتى اكتملت سني حكمه العشر..
و عندما عاد إلى بيته ،
كان أول عمل قام به هو إعداد ركن الطيور !.
——————————
سوري مغترب