قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

     أشرف و رامي صديقان  ، يعملان في سلك التدريس ، الأول مدرس تربية بدنية ، أما الثاني فهو مدرس لغة عربية .

     في البلد الخليجي الذي كانا يعملان فيه ، لم تكن المستلزمات الإضافية للعملية التربوية قد اكتملت بعيد الإستقلال ، فكان على مدير المدرسة – الذي يسمونه هناك ( ناظر المدرسة ) – كان عليه أن يتدبر أمور إدارته بنفسه ، و بناء عليه كلف الأستاذ رامي بأعمال السكرتارية مقابل تخفيض نصف جدوله التدريسي .

    مر الكثير من الزملاء على غرفة الأستاذ رامي ليباركوا له ، و لكن عندما قدم الأستاذ أشرف ، أطلق صفرة عالية من فمه أعقبها بتعليقه : ” ما شاء الله …. مكتب ، و هاتف ، و جرس ، و آلة طابعة ، و آلة ناسخة .. ياعيني ..ياعيني …على العز. ”  و قبل أن يجيبه الأستاذ رامي ، أكمل الأستاذ أشرف متهكما : ” إلهي لا تمتني قبل أن أراك ناظرا ..” ثم انصرف ..

    في آخر الشهر نفسه كُلِّف الأستاذ رامي بقبض الرواتب من البنك الذي حددته الوزارة ، ثم كُلف بتوزيعها على المدرسين و العاملين في المدرسة ، و عندما حضر الأستاذ أشرف ليقبض راتبه ، أطلق صفرة عالية من فمه أعقبها بتعليقه : ” الله ..الله  و محاسب أيضا ؟ إلهي لا تمتني قبل أن أرى صاحبي رامي  ناظرا .. ” ثم انصرف …

    و في مطلع الصيف التالي ، اختاره صاحب مدرسة خاصة لإدارة مدرسته خلال الصيف ، حيث يلجأ الكثيرون من الآباء لإرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة لتقويتهم في المواد الدراسية التي يعانون من ضعف فيها .

    بعد بضعة أيام من تسلمه العمل في إدارة المدرسة ، و بينما كان منهمكا في تسجيل طلاب جدد ، و كانت غرفة الإدارة مزدحمة بالطلاب و ذويهم ، إذا بالأستاذ أشرف يدخل ..

ثم …..

يتكئ على طرف مكتب الأستاذ رامي  ،

ثم ……

 يطلق صفرته التهكمية المعتادة ،

ثم ……

 يقول مخاطبا الأستاذ رامي ساخرا : ” و الله عشنا و رأيناك ناظرا ، و لكن قل لي بربك ، كيف تعرفوا عليك و من أرشدهم إليك ؟ و كيف اختاروك دون غيرك ؟ “

أجابه الأستاذ رامي و قد رسم على شفتيه ابتسامة صفراء : ” كل ما في الأمر أن الله استجاب لدعائك ! “

وقف الأستاذ أشرف و قد تغيرت ملامحه ،

ثم ….

 فاجأ الأستاذ رامي بقوله أمام الحضور  : ” صدق  من  قال ، رزق  الهبل  على  المجانين” ..

هنا لم يتمالك الأستاذ رامي نفسه ، ضغط على كبسة الجرس ، فحضر الفرّاش* في الحال :       ” أمرك أستاذ ” سأله ، فأجابه الأستاذ رامي و قد تمكن بصعوبة من السيطرة على غضبه : ” رافق الأستاذ أشرف حتى الباب الخارجي ” .

=======================

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب