قصص قصيرة جدا
نزار ب. الزين*
أعلن صاحب صيدلية الشفاء في جميع وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية ، أنه اكتشف خلطة نباتية تطيل عمر الإنسان من عشر إلى خمس عشرة سنة .
منذ صباح اليوم التالي ، و قبل أن تفتح الصيدلية أبوابها ، تزاحم الناس أمامها ، تدافعوا ، تشاجروا، بلغ صخبهم عنان السماء ، مما اضطر الشرطة للتدخل ، و تنظيمهم في ذيل آدمي بلغ طوله – كما قال مندوب الفضائية السابعة – بلغ خمسمائة مترا أو تزيد .
-2-
شوهد في الطابور سيدة عجوز في السابعة و الثمانين ، يدفعها حفيدها اليافع فوق كرسي متحرك !.
-3-
و شوهد في الطابور أيضا ، مريض بسرطان الكبد ، شاحب الوجه نحيل العود ، أنهكته الآلام و أضناه السقم ، و قد وقف مستندا على كتف زوجته .
-4-
و شوهد في الطابور ، الشيخ مرشد عصفور ، بعمته البيضاء و جبته السوداء و لحيته الشيباء ، كان الشيخ مرشد بالأمس فقط قد خصص خطبته في صلاة الجمعة ، للحديث عن ضرورة الزهد بالدنيا ، و مذكرا أن الحياة الدنيا فانية و الحياة الآخرة هي الباقية ، ثم اختتم خطبته العصماء قائلا : ” ألا ما أسعد من اشترى آخرته بدنياه “
-5-
أما الملازم فواز ، المكلف بتنظيم هذه الجموع ، فقد نادى مساعده الرقيب منير آمرا : “ساقوم بتنظيم الجموع في الداخل و أنت تتولى النظام في الخارج ” ، ثم أزاح العجوز ذا التسعين حولا ، الواقف في مقدمة الطابور ، ليحل محله ، رجاه الرقيب قبل أن يغادر أن يحسب حسابه بأربع علب من الخلطة !
-6-
بعد أن تمكن صاحب الصيدلية من تلبية حوالي سبعين زبونا ، وقف أمام باب الصيدلية ، صائحا في الجموع مخاطبا :
” للأسف نفذ ما أعددته ، راجعوني بعد أسبوع ” ثم أغلق باب الصيدلية و مضى ….
-7-
تفرقت الجموع و شعر الكثيرون بالإحباط و القهر، و لكن كثيرين أيضا ، و منهم الشيخ مرشد ، أجهشوا بالبكاء .
=======================
سوري مغترب