قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
أبتي ، أنا بحاجة لملابس رياضية ، لقد اشتركت في فريق (البيسبول) بعد اختبار نحجت فيه بتفوق ، و أكد لي المدرب أيضا ، أن أمامي مستقبلا كبيرا في هذه اللعبة الرياضية التي يعشقها الأمريكيون ، و لكن لا بد لي من ارتداء تلك الملابس الخاصة .
يصمت أبو تيسير ، يتجاهل طلب إبنه ، و عندما ألح صرخ في وجهه غاضبا :
– إنسَ الموضوع برمته ، فلا نقود لديَّ لمثل هذا الترف ….!
<< أبو تيسير رجل كهل في الأربعينيات ، أي أنه تعدّى سن المراهقة و أحلام المراهقة منذ زمن طويل ، متزوج و لديه ثلاثة أطفال أكبرهم تيسير الذي بلغ لتوه سن المراهقة ، و أصغرهم عوني ، الذي لا يزال في مرحلة الرياض ، أما أوسطهم فهي لبنى و هي في الصف الثالث الإبتدائي >>
تجادله أم تيسير ، تذكره بما يصرفه على التدخين و زجاجات البيرة و فواتير الهاتف النقال ، يتجاهلها بداية ، يطفح رشفة جديدة من كأسه ، ينظر إليها شذرا ، ثم يهددها بالويل و الثبور و عظائم الأمور إن لم تقفل فمها في الحال.
<< تعرف أبو تيسير على جمانه عن طريق حاسوب إبنه ، فابتدأ يحاورها من خلال غرف الدردشة ، و عندما انتشر الهاتف الجوال ، أخذ يستخدمه ليبثها لواعج حبه و هيامه ، و رويدا رويدا إزداد إهماله لشؤون بيته وامتناعه عن الإنفاق على أفراد أسرته ، مما اضطر أم تيسير للعمل في أحد الأسواق المركزية . >>
و ذات يوم يعود أبو تيسير قبل موعده المعتاد …
يدخل إلى غرفة نومه ..
يجمع أغراضه على عجل ..
تسأله زوجته:- ” إلى أين ؟”
يجيبها : – ” إلى جهنم الحمرا ..”
يتوجه رأسا إلى المطار …
ثم إلى إحدى ولايات الشمال ..
و أخيراً سيلقى معشوقته جمانه وجها لوجه .. و سيضمها بين ذراعيه …
سوف تستقبله بثوب أحمر كما اتفقا ،
و شال أصفر يلتف حول عنقها ..
بعد سويعات خالها دهرا ، تهبط الطائرة …
يخفق قلبه و تتعالى ضرباته كطبل إفريقي ..
يتوجه إلى قاعة الإستقبال ….
يلمحها عن بعد ، بثوبها الأحمر و شالها الأصفر …
ينظر إلى الصورة في يده ، صورتها نعم ، و لكن قبل ثلاثين سنة على الأقل !.كانت قد أرسلتها له عبر( الأنترنيت )
تصعقه المفاجأة ..
ينتزع ربطة عنقه الحمراء على عجل ، فهي علامته !!
ثم يندس بين الناس ، مطلقا لساقيه العنان ……..
——————
سوري مغترب