أقصوصة
نزار ب. الزين*
اشتبهت أم منذر بأن اللفاية* أم حسين تسرق من المطبخ ما يمكنها سرقته ، حدثت بذلك والدتها الزائرة ،
سمع منذر ذو العاشرة ، الحديث ،
فكمن في أواخر النهار – تطوعا – في سقيفة* المطبخ .
شاهدها بأم عينه ، تنتقي بقايا طعام من صفيحة القمامة ، ثم و هي تضع أشياء أخرى في جيوب إضافية دستها تحت ثوبها .
هبط من السقيفة مسرعا ،
خرج من المطبخ يسابق الريح و هو يصرخ فرحا ، كما لوكان قد اكتشف كنزا : ” لقد ضبطتها .. لقد ضبطها متلبسة ! ”
قدمت على عجل كل من الوالدة و الجدة ، التي كانت في زيارة الأسرة ،
أمسكتا بتلابيبها و بدءتا في تفتيشها ؛
و هي صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري فوق خديها ،
كشفتا ثوبها فظهرت الجيوب الخفية ،
ثم بدءتا بإخراج المسروقات : لفيفة ورقية تحوي بعض الشاي ، و اخرى بعضا من السكر .
قطعة جبن صغيرة هنا ، قطعة حلاوة طحينية هناك ، كسر خبز في جيب ثالث ‘ بقايا طعام في الجيبين الأخيرين…
قالت الجدة : ” أنت (حرمية)* يا أم حسين !
قالت الوالدة : هل قصرنا يوما بحقك يا أم حسين ؟ سواء براتبك اليومي أو بأكلك أو شربك ؟
و لكنها ظلت صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري فوق خديها .
نادت أم منذر زوجها : ” تعال يا ابا منذر و شاهد ما سرقته أم حسين ” ،
قدم أبو منذر ، ألقى بنظره على المسروقات ، هز برأسه يمنة و يسرة ، ثم غمز زوجته ، فتبعته .
قال لها هامسا و قد اغرورقت عيناه : ” كل المسروقات بقايا و لا يتجاوز ثمنها بضع قروش ، سرحاها في الحال و اجبرا بخاطرها ، فلولا حاجتها لما دنَّت نفسها حتى لبقايا الطعام الملقى في صفيحة القمامة ؛ ثم لا تنسي أننا على أبواب العيد ! ”
قالت له ، و هو ينفحها مبلغا إضافيا كعيدية*: ” قسما بالله يا سيدي ، و بهذا الشهر الفضيل ، لولا هذه البقايا لبات أولادي اليتامى الليلة جائعين !.
تدخلت الجدة قائلة : ” و الأجر الذي تتناولينه ؟ ”
أجابتها كسيرة الخاطر : ” يا خانم ، أجْري يكاد يغطي ثمن خبزنا و أجرة كوخنا ! ”
=======================
* اللفاية ، خادمة غير مقيمة
*السقيفة : مسطح خشبي مبني قرب سقف المطبخ ، يصعد إليه بسلم ، و يستخدم لتخزين المؤونة
*حرمية : لصة
* مبلغ من المال يقدمه الناس لأولادهم و للمحتاجين أول أيام العيد .
=======================
سوري مغترب