قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

    فِراس صبي في العاشرة

 يعيش في بيت قديم من بيوت الشام العتيقة ذي طبقتين

مبني من الخشب و الطين

 الطين بدأ يتساقط ، و الخشب أخذ يلتهمه السوس  ، و  أكمل التخريب مطر الشتاء ، يحفر مع كل هطل نفقا  لا تراه  العين المجردة ، لكنه يكفي لتسلله إلى الداخل كلص محترف  .

 لم تستطع الأسرة ترقيع السقف أو الجدران ، لقلة  ذات اليد

 و لكن عندما  سكنت عائلة من الفئران ،  فجوات  السقف و الجدران الكثيرة ،..

 اضطرت الأسرة إلى هجر الطبقة العليا برمتها

*****

   أصبحت الطبقة العليا ملعبا لفراس و خَلْوة …

و ذات يوم اكتشف  بجوار نافذة إحدى الغرف عش  دبابير

و منذئذ أصبحت الدبابير شغله الشاغل

خاف منها بداية

أعدادها كبيرة  مائة ) ربما مائة و عشرون   ، ربما أكثر !…

 إنها تتكاثر بسرعة مذهلة  !

 دويها يصم الآذان ، و هديرها يجلب الصداع ..

” يجب التخلص منها و تدمير عشها ”  قال لنفسه ثم قرر أن يبدأ العمل …

أشعل جريدة و قرب دخانها من العش

فرت الدبابير بداية ، و لكن النار بدأت تشعل ما حول العش ، فتحايل على النار حتى أخمدها ، ثم ما لبثت الدبابير أن عادت إلى عشها  بإصرار..

” إنها طريقة محفوفة بالمخاطر ”  فكر ثم قرر الإقلاع عنها ، و بدأ  يفكر بالبديل…

حاول اقتلاع العش بعصا المكنسة ، و لكنه لم يفلح إذ هاجمته بعضها

أغلق النافذة على عجل ، ثم دخل مسرعا و هو يلهث خوفاً ..

 و عندما التقط أنفاسه ، لفت نظره أن عددا  قليلا  منها  تمكن من دخول  الغرفة ، ثم مالبثت أن توجهت نحو زجاح النافذة محاولة الخروج ..

و بتؤدة و حنكة ، و احتراف ؛ قتلها الواحدة إثر الأخرى  ..

” ذلك هو الفخ  المثالي إذاً ” قال لنفسه فرحاً.، ثم أضاف : ” فرق تسد يا يا أبو الفوارس “

*****

      يفتح النافذة ، يتحرش بالدبابير ، تهاجمه بعضها ، يفر منها للحظة ، ثم يعود لإغلاق النافذة بسرعة ، ثم يبدأ بقتل المجموعة الحمقاء ، و هي تحاول إختراق الزجاج ، فيقتلها  ببرود أعصاب دبوراً وراء دبور ..

     و في اليوم الثالث  ، لم يبق في العش غير مجموعة لا يتجاوز عددها أصابع اليد ..

” إنها المعركة الأخيرة ، ثم أستريح إلى الأبد ” همس لنفسه جذلاً  ..

تحايل عليها

أدخلها إلى الفخ

و بدأ مجزرته

أخ

الدبور الأخير  ، ينقض عليه فيلسعه في جبينه بين العينين ..

ينتفخ وجهه

يصاب بالدوار ..

يصيح  مستغيثاَ …

ثم يخرُّ فاقد الوعي…

عندما صحا

همس لأخته الصغيرة : << لقد خسرت معركة و لكنني  لم أخسر حرباً ! >>

—————————–

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب