أقصوصة

نزار ب. الزين*

           يحكى أن فوجا من المهاجرين وطئت أقدامهم اليابسة بعد رحلة بحرية شاقة ذاقوا خلالها الأهوال …

بحثوا عن مكان يستقرون فيه و لكنهم ضلوا طريقهم و كادوا يهلكون ، و لحسن حظهم صادفوا اثنين من السكان الأصليين ، كانا كريمين للغاية ، قدما لهم الطعام ، ثم  أرشداهم إلى مكان يصلح للاستقرار و الزراعة ، ثم علماهم مع أقاربهما ، كيف يزرعون الذرة و كيف يصطادون الديك الرومي و يربونه .

في نهاية العام الأول كان الحصاد ، و كان الخير وفيرا ، فاحتفلوا بأول عيد ، أسموه عيد الشكر ….

في العام الثاني جاء مزيد من المهاجرين ، تعلموا الزراعة و تربية الديك الرومي بدورهم ، و احتفلوا مع الفوج الأول بعيد الشكر ، و دعوا المرشدَيْن الأولين مع أقاربهم من السكان الأصليين إلى موائدهم ..

في العام الثالث  جاء فوج ثالث من المهاجرين ، لم تعد خيرات الأرض تكفيهم جميعا ، فقرروا التوسع ، قاومهم السكان الأصليون فبطشوا بهم ، كان المهاجرون يملكون البارود و الأصليون لا يملكون سوى السهام و الأسلحة البيضاء ؛ عندما احتفل  المهاجرون  بعيد  الشكر  هذه  المرة  لم  يدعوا  إليه  أحدا  من  السكان الأصليين ، لأن  هؤلاء  كانوا  قد  فروا  بعيدا  و معهم  المرشدان  و أفراد عائلتيهما .

و حتى اليوم لا زال أحفاد المهاجرين يحتفلون بعيد الشكر ، بينما يحتفل السكان الأصليون بعيد القهر.

***************
*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب