أقصوصة واقعية

نزار ب. الزين*

    كان  يعاملها كخادمة  ، يصرخ في وجهها لأتفه الأسباب ، لا يتوانى عن ضربها بكل ما أوتي من قوة عامل بناء ، إذا ما حاولت الإعتراض ؛ يدخل إلى الدار وزيرا – كما يقال – و يخرج منها ملكا .

و تقدم به العمر ، و فتك به مرض السكري حتى  تقرحت  قدماه ، فاضطر الأطباء إلى بترهما ؛ و هكذا أصبح أبو رياض مقعدا … و ظلت أم رياض  قائمة على خدمته ، و لكن  لسانه ما فتئ  أطول منه ، فلا زال يصرخ في وجهها  فيرعبها ، و لا زال يشتمها بأقذع ما يملكه  قاموس رذالته السوقي من سباب ، إذا ما تأخرت بتلبية اي من طلباته الكثيرة ..

قبل قليل ، أحضرت له كوب قهوة بالحليب ، بناء على طلبه ، و يا لهول ما شاهدت :

كان قد انتزع ” الحفاظة ” التي طالما تذمر منها ، و ألقاها بعيدا عن سريره ، و كان  السرير و ملاءاته قد غمرتها  قاذوراته …

اشتعلت دماغها غضبا ، و تطاير من عينها الشرر ..

ثم ..

حدجته بنظرة  جمعت بين النقمة و الإشمئزاز …

ثم …

صاحت في وجهه بجنون : ” لقد فاض بي الكيل ، أربعون عاما و أنا أحتمل جبروتك ، أما فهذه فلا !…. “

ثم ….

وجدت نفسها تنهال عليه ضربا بكل أوتيت من قوة .

=======================

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب