حوار قصير
نزار ب. الزين*
بينما كان مخلص الشريف ، يثبت لوحتي سيارته المهترئة على السيارة الجديدة التي نهبها لتوه ، التفت إلى زوجته التي كانت تتابعه بقلق عميق بدا على محياها ، ثم قال لها :
– أمتعتنا كثيرة يا أم شريف ، و لم أجد أفضل من هذه السيارة !.
= و من أين ( لطشتها ) ، ما شاء الله ؟!
– و حياة عينك ، من داخل معرض وكالتها ، وجدت أبواب المعرض مشرعة ، و معظم ما فيه منهوب ، كانت مركونة في زاوية المعرض ، و يبدو أن محاولات تشغيلها لم تفلح ، فتركت لصاحب النصيب ، و كنت أنا صاحب النصيب ..و قد تمكنت بكل يسر من تشغيلها ؛ كل شيء ميسر لنا بإذن الله ..
= و الله حرام هذا الذي تفعله يا مخلص ، اقتحمت بيوت ثلاثة من الجيران المسافرين في إجازتهم الصيفية ، و انتقيت كل ما فيها من أدوات كهربائية و ملابس ، و ها أنت تسرق سيارة بحالها ، كيف ستواجه ربك بربك ؟
– يا أم شريف ، إنها ظروف الحرب ، قلتها لك مرارا و أعيدها تكرارا ، في الحرب تنعدم القيم ، و تسافر الضمائر إلى ما وراء الأخلاق ؛ في الحرب إما قاتل أو مقتول ، و إما ناهب أو منهوب ، إنه قانون الغاب يا زوجتي العزيزة..
= إن الأمر في غاية الخطورة يا مخلص ….كيف سننفذ بكل هذا من الحدود ؟
– لا تخشي شيئا و أنا معك ، كل شيء مخطط و مدبر ، هيا إلى العمل ، فغدا مع الفجر سنرحل بإذن الله ، فقد فُتحت منذ اليوم كل الحدود لمرور المقيمين في هذا البلد إلى ديارهم .. و قد يغلقونها مجددا في أي وقت ..
شهقت أم شريف ، ثم ضربت على صدرها بكلتا يديها ، ثم صاحت قائلة بعصبية :
= و أمي متى ستحضرها من المستشفى ؟
– أمك؟؟؟
و كيف سأحضرها و طريق المستشفى مليء بحواجز التفتيش العسكرية ؟ أمك لها الله ، لا تقلقي فهي في رعاية أيدٍ أمينة !
أخذت تبكي بحرقة و هي تقول بإصرار :
= لن أتحرك بدونها ، لو طبقت السماء على الأرض
– يا أم شريف ، شغلي مخك قليلاً ، ضعي أولادك في كفة ميزان ، و أمك العجوز المريضة في الكفة الأخرى ، فايهما تختارين ؟
يا أم شريف – هداك الله – لا مكان للعواطف ، في زمن الحرب !
=======================
سوري مغترب