قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
وقفت العربة الشاحنة الصغيرة التي يجرها حصان و التي يسميها أهل السوق ( الطنبر ) أمام دكان أبو حسن ، الذي رحب بعميله الشيخ مرشد و بابنه سليم ذي السنوات السبع ، ثم طلب أبو حسن منه معاينة البضاعة ، ففتح له الشيخ مرشد إحدى التنكات ( الحاويات القصديرية ) ، تناول أبو حسن بعضا منها ، شمها ، تذوقها ، ثم نظر إليها بإمعان ..ثم هز برأسه يمينا و يسارا و هو يقول << هذه البضاعة لا يمكن تصريفها في السوق يا شيخ مرشد >> قالها واثقا ، ثم أضاف << يبدو أنكم قطفتم البندورة ( الطماطم ) قبل نضوجها !! اللون فاقع و الطعم حامض …لن يتقبل البضاعة أحد و هي على هذا الحال يا شيخ مرشد ! >>
<< و ما العمل يا أبا حسن ، هل سأخسرها ، إنها تربو عن الأربعين ( تنكة) >> قالها الشيخ مرشد متألما ثم أكمل << هذا و الله خراب بيت يا أبو حسن ، أنجدني بحل يا أبو حسن ، الله )يخلي لك( حسن .. >>
*****
في ركن من الخان المجاور ، و في قِدر نحاسي كبير يسمونه (الَحَلَّة ) ، يتسع لطهو عجل ، أوقدوا تحته النار ثم بدأ عاملان يصبان رُب البندورة فيه ،من بضاعة الشيخ مرشد مع بضاعة أخرى من نوعية أفضل إشتراها لتوه من السوق ، و بدأ عامل آخر بتحريك المزيج ، ثم أخذ الشيخ مرشد يضيف إلى كل خلطة ، حفنة من صبغة حمراء …
كان أبو حسن قد أكد له بأن هذه العملية إن هي إلا مجرد تعديل و لا يمكن اعتبارها غشاً ، فمضى الشيخ مرشد قدما و هو مطمئن النفس مرتاح الضمير ..
في أثناء الطبخة الرابعة ، استبد الفضول بسليم إبن الشيخ مرشد ذي السنوات السبع ، فاقترب من القِدر…
ثم تطاول ليتمكن من مشاهدة العملية …
فاختل توازنه ؛
حاول أن يستند بيديه على القدر…..
فانقلب عليه بما يحويه .!
—————————-
سوري مغترب