قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

            كانت الساعة العاشرة صباحا .

خرجوا بانتظام في مظاهرة سلمية إحتجاجا على غلاء الوقود ، قادة المظاهرة حرصوا أن تكون المظاهرة هادئة ، و أن تكون الهتافات معتدلة ، إنضم إليهم – من ثم –  طلاب المدارس ، و كانو أيضا هادئين ملتزمين ، يحيطهم فتيان الكشافة من ذات اليمين و ذات اليسار .

قطعت المسيرة شارع الحرية ، ثم شارع الوحدة العربية ، فشارع العدالة و ما أن احتواهم شارع الدمقراطية ، حتى وجدوا رجال الأمن بخوذهم المعدنية و تروسهم الطويلة و عصيهم الغليظة و من ورائهم سيارات إطفاء الحرائق و حافلات السجون ؛ يسدون الطريق و يمنعون المتظاهرين من مواصلة السير .

 أراد المتظاهرون النكوص على أعقابهم ، فوجدوا رجال الأمن بخوذهم المعدنية و تروسهم الطويلة و عصيهم الغليظة و من ورائهم سيارات إطفاء الحرائق و حافلات السجون ؛ و قد سدوا  طريق العودة أيضا ..

ثم  و على حين غرة و بدون سابق إنذار ،  بدأ رجال المطافئ من مدخلي الشارع ، يرشون المتظاهرين بالماء الساخن ..

ثم بدأ رجال الأمن هجمتهم الشرسة ، مستخدمين عضلاتهم القوية المدربة .

فتهوي العصي الغليظة على الرؤوس ..

على الظهور ….

على الأرجل ….

يتساقطون ….

تدوس بعضهم الأقدام …

يدخل طلاب المدارس إلى أبنية الشارع احتماء ، يملؤون الأدراج ، يقرعون الأبواب ؛

و لكن الكثيرين لا يجرؤون على فتح أبواب بيوتهم ..

بعض النسوة تأخذهن الحمية ، فيفتحن لبعضهم الأبواب ..

يقتحم رجال الأمن الأبنية …

ينهالون على طلاب المدارس المنهكين الخائفين ضربا بعصيهم الغليظة …

يتدحرج بعضهم فوق درجات السلالم …

الدماء تسيل و تملأ الأدراج …

الأصوات المستغيثة تبلغ عنان السماء …

تضع النساء أغطية بيضاء على رؤوسهن ، و يخرجن إلى شرفات منازلهن مولولات ، إحتجاجا على همجية رجال الأمن..

رجال الأمن لا يعجبهم ما تفعله النساء ..

يرفعون مسدساتهم أو بنادقهم و يطلقون الرصاص في الهواء لإرهابهن ..

تمتلئ المستشفيات بالجرحى…

يصرح بعض الأطباء بوجود قتلى ، فتأتيهم الأوامر بالإمتناع عن أي تصريح ..

أما السجون فتغص بالرجال شيبا و شبانا …

 و بالأطفال أيضا !!!!…

في الساعة الواحدة بعد الظهر

ظهرت وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية ، بالبيان الحكومي التالي :

<< خرجت في الساعة العاشرة من صباح اليوم ، مظاهرة غير مرخصة ، أخذ المتظاهرون فيها يعيثون تخريبا بالسيارات و الممتلكات العامة و الخاصة ، فتصدى لهم رجال الأمن ، مما أدى إلى وقوع  بعض الإصابات بين الجانبين ، و قد تم القبض على محرضي و منظمي المظاهرة في انتظار محاكمتهم .!!! >>

—————————

*نزار بهاء الدين الزين*

سوري مغترب