أقصوصة

نزار ب  الزين*

     بالتأكيد  يحملني المسؤولية …

يدخل مقطب الجبين و يخرج  معفر الوجه بصفرة الكراهية ، عندما يواجهني  يشيح بوجهه عني ، و إن حاولت مخاطبته تجاهلني ، و إن ألحفت ، ينظر إليَّ شذرا ثم يلج إلى غرفته و قد تحرقت عيناه .

ألم تكفني عذاباتي بفقد فلذة كبدي ، ليزيدني بتعذيبه الصامت كل يوم ؟ …

هو بالتأكيد يحملني المسؤولية ….

فهل أنا مسؤولة عن القدر ؟.. عن طفل كان يلعب كما يلعب كل الأطفال ، لينتهي لعبه بمأساة ؟

*****

بدأت القصة منذ حوالي شهر

كان كريم يلعب مع أصحابه فوق سطح العمارة ، كما كان يفعل كل يوم ، تستهويه و صحبه لعبة ( الغميضة ) ، يطلب لأحدهم أن يغمض عينيه ، و ينتشر الآخرون باحثين عن مخبأ ، و على مغمض العينين أن يعثر عليهم بعد أن يعد ببطء إلى العشرة ..

يلعبونها كل يوم ، يكررونها كل يوم ، بلا ملل  أو سأم ….

و لكن ….

 في ذلك اليوم المشؤوم ، اختبأ كريم خلف خزان الماء ، سمع صوت ارتطام متكرر بجدران الخزان من الداخل ، دفعه فضوله ليعرف السبب ، نادى أحد أصدقائه ، عاونه على تسلق الخزان ، أطل من فوهته العليا ، ثمت حمامة كانت تناضل للخروج من الماء ،

مد كريم يده لينقذها ،

كان ماء الخزان مليئا حتى ثلثيه ..

مدها أكثر ..

اقترب من إمساك الحمامة ..

و لكنه …

احتاج إلى يده الأخرى ..

فاختل توازنه….

ثم ..

سقط في قلب الخزان ..

خاف أصدقاؤه .. لا أحد يعرف مِمَّ خافوا ؟!.. لعلهم خشوا أن يتهمهم أحد بدفعه ؟!!

فمن يدري ما يجول في عقول الأطفال ؟

و لكن .. بعد ساعة أو تزيد ، لاحظت والدة أحدهم أن ابنها مضطرب غاية الإضطراب ، استنطقته ، فهالها ما سمعته ..

ثم ….

هرعت إلى أم كريم تخبرها ،

ثم …

صعدتا كلاهما ….

لتكتشفا أن الأوان قد فات …

*****

بعد حوالي شهر

قرع الباب ، كان الطارق محضر المحكمة الشرعية ……

—————

*نزار بهاء الدين الزين