قصة واقعية
نزار ب. الزين*
طبيب ؟! ياله من عريس ( لقطة )!! …
قامت الأفراح ، و امتدت الليالي الملاح
كان في غاية اللطف في الليلة الأولى
و كان معقولا في أسبوع العسل
ثم …
ابتدأ يكشر عن أنيابه
” لِمَ خصَّيت زوج شقيقتك بمعظم حديثك ؟ هل كان بينكما شيء ما ؟ “
نظرت إليه بذهول و سألته :
– هل تمزح ؟ إنه شقيق و ليس مجرد صهر !
تزوجت شقيقتي قبلي بعدة سنوات ، فنشأت بيننا جميعا في الأسرة و بينه صداقة حميمة ، و اعتبرناه كلنا واحدا من العائلة ، يشاركنا أفراحنا و همومنا و يرشدنا بآرائه الحصيفة ، لا تنسَ أنه يحمل ماجستير بعلم الإجتماع ، إنه أخ لنا بكل معنى الكلمة ، كان و لا يزال ! ..
يجيبها بغضب شديد :
– ما شاء الله ، و تعترفين بذلك أيضا ، أنت الآن تزيدين شكوكي ..
تحلف له أغلظ الأيمان ، أنه ليس أكثر من أخ ..
يشتمها و يشتمه !
تبكي .. تبكي أكثر عندما يقرر :
– ممنوع عليك زيارة أختك ، و ممنوع عليها اصطحاب زوجها لزيارتنا إلا إذا كنتُ موجوداً ، و أمنعك بشكل قاطع من مخاطبته حتى لو كنت موجودا .!.
تجادله ….تفحمه .. يستشيط غضبا ، فيصفعها ! …
***
يعود إلى البيت ، لا يجدها ، يتصل ، بأهلها ؛ يجدها عندهم …
” إما أن تعود فورا أو لا تعود أبداً ” يقول لوالدتها بعصبية و يغلق سماعة الهاتف .
الوالد فارق الحياة منذ سنة ، و الوالدة تحمل المسؤولية وحدها ، تشاركها ابنتها الكبرى و زوجها أحيانا ،
تتصل بهما ، تستدعيهما ، يناقشون المسألة ، فيعزونها للغيرة و أن الغيرة دليل الحب !!!
يناقشونها .. يقنعونها .. ثم ترافقها والدتها ..
وجهه متجهم ، جبينه مقطب ، رحب بحماته بجفاء و لم يرحب بها على الإطلاق ، تحاول الحماة مناقشته فيرفض أي نقاش ، تنصرف الحماة ، يجرها إلى الحمّام و يبدأ في تأديبها حتى أدماها !
– إن خرجت ثانية من البيت بدون إذني ، سوف أخرجك من هذه الدنيا ، و يجب أن تفهمي أن للمرأة خرجتان إحداهما من بيت أهلها إلى بيت الزوجية و الثانية من بيت الزوجية إلى القبر
قال لها ذلك بعد أن فرغ لتوه من توجيه آخر رفسة أصابت خاصرتها فصرخت متألمة ، فما كان منه إلا أن ملأ فمها بورق ( التواليت ) حتى كاد يخنقها !
***
بعد ستة أشهر من الأفراح و الليالي الملاح
إنه شكاك يا أختي ، يشك حتى بأمه …
إنه مستبد متسلط و يعتبرني قطعة من أثاث منزله …
إنه وحش حتى و إن حمل دكتوراة في الطب …
إنه لم يكف عن تعذيبي – يا أختي – إلا بعد أن حملت !
إنه يخشى على جنينيَّ و ليس تراجعا منه عن مواقفه المشينة تجاهي..
إنه يقفل عليّ الباب من الخارج عندما يغادر المنزل … تصوري !
إني سجينة يا أختي ، تخيلي أختك سجينة يا أختي !!!
..ثم تطالبني أمك بالصبر ! ” ليس في عائلتنا حالات طلاق ، المرأة المطلقة تظل مشبوهة بنظر الناس ، تظل ملاحقة من الطامعين بها ، تظل مهانة من القريب قبل البعيد ” هذا ما تقوله لي والدتنا على الدوام ، و لكنني مهانة فعلا يا أختي و أشعر أن الأمور تزداد سوءا يوما بعد يوم ، لم أكن أتصور أن طبيبا مثقفا بمثل هذا التخلف ، حتى شؤون المنزل يتدخل فيها يا أختي ، تصوري أنه يقوم بتفتيش يومي على نظافته ، تصوري أنه ضربني مرة لأنني لم أحضر له كأس الماء مع فنجان القهوة ! تصوري أنه بدأ يحاسبني حتى على مكالماتي الهاتفية ، و يحقق معي حول كل مكالمة أجريها ، تصوري أنه هددني بقطع الهاتف !!!! .
أما عن عودتي إلى التدريس فهو أمر مرفوض رفضا باتا ، أي أن سنوات عمري التي قضيتها على مقاعد الدراسة يضيِّعها هباء بأوامره التعسفية ، أي أن شخصيتي بكل ثقافتي و مكانتي الإجتماعية و آمالي و أحلامي يتعمد محوها سطرا سطرا ! إنه يصغِّرني – يا أختي – ليعظم نفسه !
فهل كتب على المرأة أن تكون جارية – يا أختي – تحت سيادة مستبد ظالم ؟
***
عاد ذات يوم مبكرا على غير عادة ، فشاهد – و يا لهول ما شاهد – شقيقة زوجته قرب إحدى نوافذ المنزل ، تحادث أختها السجينة ، فقامت قيامته و لم تقعد ، شتم الشقيقة و طردها و هو يقول لها صائحاً :
– منعتُها من محادثة أي إنسان حتى لو كانت أمها ، قطعت عنها الهاتف لتقطع عنكِ و عنكم جميعا صلاتها ، فأنتم جميعا تدمرون ما أبنيه من أجل تقويم إعوجاجها ، أنتم تسعون إلى خراب بيتها …
ثم أضاف ساخراً :
– و لتعلمي و لتعلم أمك و زوجك المبجل ( حكيم العيلة ! ) أنني في بيتي السيد المطلق ، و لن أسمح لأي إنسان أن يشاركني سيادتي ، و أن من حقي المطلق أن أعيد تربية زوجتي ، فللمرأة تربيتان الأولى عند أهلها و الثانية عند زوجها . أنت يا سيدة
( كسَّرتِ ) كلامي و ساعدت شقيقتك على عصيان أوامري ، أنت مطرودة في الحال ، و إلا استدعيت لك الشرطة ، أما هي فحسابها آت !
***
تعود شقيقتها و والدتها في اليوم التالي لزيارتاها من وراء النافذة ، لتجدا جميع النوافذ قد أغلقت من الخارج بألواح الخشب و المسامير ..
تحادثهما من خلال أحد الشقوق و تؤكد لهما أنها لن تقبل مزيدا من الذل و الهوان ، و أنهما إذا لم تجدا لها حلا فسوف تنتحر !
***
بعد ثمانية أشهر من الأفراح و الليالي الملاح
تحضر شقيقتها بسيارة إحدى صديقاتها ، تنقر على النافذة ،
تسألها عما إذا وجدت جواز سفرها ….
تجيبها بالايجاب ….
يبدأن معا ، هي و الشقيقة و الصديقة ، بخلع النافذة …
يفلحن بذلك بعد مشقة ..
تحضر حقيبتها الصغيرة بما خف حمله …
تتدلى من النافذة…
تتلقفنها بحذر …
يركبن السيارة و يتجهن بها مباشرة إلى المطار !!
***
يعود …فيكتشف هروب زوجته
يجن جنونه
ثم ..
يهاجم أهلها في عقر دارهم ، فيتصدى له زوج شقيقتها
ثم …
يتماسكان و يتضاربان
ثم….
يشكو أمره للشرطة
فيحققون ، و إذ لم يتمكنوا من إثبات أي تهمة عليهم ، يجن جنونه …
فيشتم عديله ( زوج الشقيقه ) ، و يحاول أن يضربه ، يشتم الشقيقة و يتهجم عليها ، يشتم حماته و يتهجم عليها …
فينذره رئيس المخفر بالتوقيف إن لم يهدأ و يلزم حدوده !
****
بعد ثمانية أشهر و يوم واحد ، من الأفراح و الليالي الملاح
يعود الدكتور إلى بيته مقهورا .
****
بعد ثمانية أشهر و خمسة أيام من الأفراح و الليالي الملاح
تفوح رائحة كريهة من منزل الدكتور
ثم ..
تنتشر في الجوار فتزكم الأنوف
ثم …
تحضر الشرطة
ثم ….
يقتحمون المنزل
فتقشعر أبدانهم لهول ما رؤوا
————————-
سوري مغترب