قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

تتمكن من إحداث ثغرة في النافذة الخشبية المغلقة بإحكام
تتمكن من رؤية العربات القليلة ذاهبة آيبة فوق طريق ترابية
تنادي ، كلما مرت إحداها قرب النافذة…
لا يسمعها أحد
أغلب العربات مكيفة الهواء مغلقة النوافذ
أغلب العربات تثير الرمال الناعمة ، لتنال منها ما يزكم أنفها و يدمع عينيها
حالتها تسوء
آلامها تتفاقم
تصرخ
تستغيث
و لكن ليس من مغيث
تبكي بحرقة
تشعر بالضياع
يصيبها الهلع كلما تصورت أنها ستفقد حياتها إن لم ينجدها أحد
تتذكر أمها
تتذكر أباها
تتذكر إخوتها الثمانية
تبكي مجددا
تصرخ مجددا
يامّه ( إلحقيني )!!!
تستغيث
يابا ( إلحق ) أثيرتك آيات !!!
و لكن ..
انقطعت أخبارهما منذ ودعتهما
منعوها من مراسلة أهلها
أسكنوها في قرية نائية
و في منزل منعزل أطلقوا عليه اسم ( المزرعة )
خمسة وجوه شابة لا تعرف غيرهم
يتناوبون على فراشها
أحدهم من ظنته عريسها

*****

عريسها ؟؟؟!

تعرف عليها عن طريق الخاطبة ( أم حسنين )

أغدق عليها و على أهلها المال و الهدايا النفيسة

أعمى أبصارهم و بصائرهم

أخرستهم ابتسامته الساحرة و يده المبسوطة

سحرتهم ملابسه العربية الأنيقة

أقام لها حفل زفاف لم يشهد حيها مثيلاً له من قبل

ثم إلى المطار

ثم إلى الجحيم
*****

 

اعترضت بادئ الأمر
– ” أنا تزوجت حمدان
و لكنني أرى فيصل و حمود و بطي و سلمان إضافة لحمدان
لم أسمع من قبل أن امرأة تزوجت خمس رجال ..”
قالت متذمرة و محتجة ، فأخرسها بصفعة .. تبعها بركلة
و بعد عدة جولات من الصفع و الركل
رضخت صاغرة
فكرت بالهرب .. و لكن إلى أين ؟؟
*****
يمر أحدهم على قدميه
أول راجل منذ الصباح
تصيح :
– يا ياعم .. يا عم
أرجوك يا عم أغثني ، إني على وشك الولادة
يتبين أن العم ( بلديات )
تختزل له قصتها
فتدب فيه النخوة
*****

 

يهرع العم رضوان
إلى سفارة بلده
يمنعونه من الدخول
يحاول اقتحام السفارة غصبا
يسمع القنصل صياحه
يصغي لقصته
تدب فيه الحمية
يتصل بوزارة الداخلية
يتصل بالإسعاف
يقودهم العم رضوان إلى المنزل المعزول
يقتحمون المنزل
يجدونها غارقة في دمها ، و في حالة من الإعياء الشديد ، و على حجرها وليدها يرضع ، و حبل الحياة لا زال عالقا في سرَّته .

———————————

*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب