قصة قصيرة
نزار ب. الزين*
بعد الإنصراف من المدرسة ، توجهوا إلى دورهم مسرعين ، ألقوا بكتبهم كيفما اتفق ، نزعوا عنهم ثياب المدرسة الموحدة و ألقوها- أيضا – كيفما اتفق ، تناولوا طعامهم على عجل ، ارتدوا دشاديشهم (ملابسهم الشعبية) بلمح البصر، و بلمح البصر توجهوا إلى ساحة الحي ، فالمباراة لهذا اليوم ستكون حامية الوطيس ، فسيمو و شيمو سوف يتصارعان حتى الموت …..
يتحلق الأطفال في دائرة …
حمود يمسك برباط سيمو ، و عمر يمسك برباط شيمو …
ما أن يلمح أحدهما الآخر حتى يكشران عن أنيابهما ، ثم يصدران همهمات تهديدية ، ثم ينبحان غاضبين !
الأطفال يصيحون محرضين …
الأطفال انقسموا إلى فريقين أحدهما يشجع كلب حمود و الثاني يشجع كلب عمر
يحررانهما من رباطهما ..
فيبدأ كلب حمود بالهجوم …
و تحتدم المعركة بين الكلبين …
يمزقان جلود بعضهما بعضا …
تُصبغ جلودهما بدمائهما ….
و الأطفال لا زالوا يصيحون صيحات التحريض الهستيرية ….
إذبحه يا شيمو ! …..
إقضِ عليه يا سيمو !…..
و لكن ….
يبدأ سيمو بالانهيار ، يتحول نباحه إلى غثاء ثم إلى فحيح …
ثم يعلن عمر انتصار شيمو على سيمو فرحاً ، و يشاطره مناصروه صيحات الفرح !…
يستشيط حمود غضبا من كلبه سيمو المنهزم ، فقد خذله اللعين …
حمود ذو الثانية عشر ، المدمن على شم البانزين* ، يصب ماتبقى في علبته من البانزين ، فوق سيمو …
و حمود المدمن أيضا على التدخين ، يخرج ولاعته من جيبه ، ثم يشعل النار بسيمو….
كان الليل قد ألقى بستاره الداكن فبدا سيمو شعلة من نار و نور ، و هو يرقص في ساحة الحي رقصة الموت !
*****
بعد عشر سنوات ،
تنامى لحمود أن شقيقته لولوه على علاقة هاتفية مع أحد أصدقائه ،
يستشيط غضبا …
والدته التي تعمل قارعة دف ( طقاقة ) في فرقة نسائية تحيي الأفراح ، كانت تمارس مهنتها .
والده كان مع أصدقائه في سهرة ماجنة – كعادته – في إحدى المزارع …
الخدم كانوا في المطبخ يتسامرون ؛
و في غفلة منها و بينما كانت تتجه إلى غرفة نومها ….
يلقى عليها ملء علبته من البانزين .
و قبل أن تدرك لولوه ما يفعله ، أخرج ولاعته من جيبه بكل برود ، و بكل برود أوقد شقيقته !
كان الليل قد أرخى بستاره الداكن ، فبدت لولوه شعلة من نار و نور ، و هي ترقص في ساحة الدار ( الحوش ) رقصة الموت ! ————————————————–
* الإدمان على شم البانزين أو السكوتين يشبه الإدمان على المخدرات
————————————————–
سوري مغترب