أقصوصة واقعية

نزار ب. الزين*

قال والد الطفل ذي التاسعة لمدير المدرسة و قد تملكه غضب شديد  : ” الأستاذ عبد العظيم ، الموكول إليه تربية أبنائنا ، يستغل مركزه لأغراضه الدنيئة ، يا حضرة المدير ! ” .

أصابت الدهشة مدير مدرسة ” الشرف الرفيع ” الإبتدائية ، ثم أجابه بعد أن تخلص بصعوبة من ذهوله : ” الأستاذ عبد العظيم من أفضل معلمي مدرستنا ، و إنني مصدوم جدا مما تقول ! ”

لم يجبه ولي الأمر و لكنه ترك الإجابة لإبنه ….

استدعى مدير المدرسة الأستاذ عبد العظيم  على عجل ، و تركه يستمع إلى إدعاء التلميذ و والده ، ثم أبلغه بأنه مضطر لرفع الأمر إلى مديرية المنطقة التعليمية ، أما ولي الأمر فسيقدم بحقه شكوى إلى الشرطة فالقضاء .

انهار الأستاذ عبد العظيم و ارتعش من قمة رأسه حتى أخمص قدمه ، ثم  أجهش ببكاء مرير قزّمه أمام تلميذه و أبيه و مديره ، و بشفتين مرتعشتين أخذ يبرر ما اعتاد أن يفعل : ” إنني متزوج منذ عشر سنوات ، أنجبت لي زوجتي خلالها خمس بنات ، كنت خلالها و ما زلت متعطشا إلى ابن ذكر يحمل اسمي ، و يعينني في كبري ، مما يدفعني إلى حب كل تلاميذي و يحفزني رغم إرادتي إلى احتضانهم و تقبيلهم ، إنهم أولادي و عَوضي في محنتي ، يا حضرة المدير ، و لا أحمل لهم أي سوء نية .”

ثم

أخذ يقسم الأيمان بأنه شريف و غرضه شريف …

ثم ..

اندفع نحو ولي أمر التلميذ فقبل يده و أمسك بحزامه دامعا متوسلا : ”  ( إيدي بزنارك ) يا أخي ، ناشدتك بفلذة كبدك هذا ، ألا تكون سببا في خراب بيتي ! ” .

ثم …

انتهت أزمة الأستاذ عبد العظيم بنقله إلى قرية نائية في أقصى محافظة من محافظات الشمال .

 

 

في قاعة الصف ، و بعد أن شرح الأستاذ عبد العظيم  لتلاميذه الدرس المقرر بحِرفية المعلم المتمكن من أدواته ، أمرهم بأن يضعوا رؤوسهم فوق مقاعدهم ..

ثم..

طلب منهم أن يغمضوا عيونهم في استراحة قصيرة ، ضرورية لتجديد نشاطهم ..

ثم …

استدعى أحدهم ..

ثم …

————————

*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب