.

          الهاشمي  وليٌّ لا أحد يعرف اسمه الحقيقي أو سبب الاعتقاد أنه من أولياء الله الصالحين ، أو لماذا بني له هذا المقام ذو القبة الخضراء ؟! فحتى شاهد قبره محا  الزمان ما كُتب عليه .

 أما أغلب رواده فمن النساء من طالبات الحاجة ؛ فبعد أن تدفع الواحدة منهن ما فيه النصيب لحارس المقام ، تتقدم نحو القبر فتتلو الفاتحة ،

ثم …

تهمس للولي بحاجتها  !!!!

ثم ….

تربط منديلا  أو قطعة من قماش على السور القصير المحيط بالقبر ، لعلها بهذه العلامة تذكِّر الوليّ بحاجتها .

و يعيش في المقام حارسه مع زوجته و اثنين من أطفاله ، فيتحول المقام ليلا  إلى غرفة نوم ، و في زاوية منه تقوم الزوجة بالطهي و غسل الصحون حينما  يخلو من زائراته .

و بسبب بخله الشديد كان الزوجان يتشاجران باستمرار ،

و لكن ..

ذات يوم اشتعل الشجار بينهما متجاوزا المألوف ، فقد لجأ الزوج إلى العنف ، فأنهك زوجته صفعا و ركلا ،

ثم ..

طردها و طفليها .

***

ما أن شاهدها شقيقها الكبير و هي على هذا الحال حتى استشاط غضبا ، و بات ليلته و هو يفكر بوسيلة ينتقم فيها لشقيقته ، و إذ أصبح الصباح كان قد أضمر أمرا ،

ثم …

بدأ التفيذ ،

فقام بجولة ، أخذ يخبر خلالها  كل من رآه ، بمن فيهم إمام جامع الحي ، أن شقيقته زوجة حارس مقام “الهاشمي” ، شاهدت بأم عينيها قبر الوليِّ ينبثق منه قطرات من ماء طهور و كأنه مخلوق حي يتعرق ، و قد وَضَعت على رأسها المصاب بالشقيقة المزمنة قطرات منه ، فتوقف الألم في الحال إلى غير رجعة ، و وضعت قطرات منه على جرح في يد ابنها فاختفى لفوره ،

ثم ……

أضاف ، أنه  لم  يهن  عليه  أن  يحتكر  صهره  هذه  الكرامة  أو  يتكسب  منها ،

ثم …..

رُفِع أذان الظهر فألقى إمام الجامع قبيل بداية الصلاة على غير عادة ، خطبة موجزة دار موضوعها حول كرامات الولي “الهاشمي” ، و منها هذه الكرامة الجديدة ….

ثم ……

ما أن فرغ الناس من أداء صلاتهم حتى اندفعوا نحو المقام فاقتحموه ، و إذ اعترضهم حارسه أوسعوه ضربا ،

ثم ……..

 أخذ كل منهم ينتزع قطعة من سور القبر ، بعد أن يئسوا من العثور على ماء الكرامة ! ،

ثم ……….

التفتوا إلى سترة القبر فتقاسموها نتفا صغيرة ،

ثم ………..

إلى ما تبقى من محتواه ، من شموع و قناديل و سواهما فتقاسموها ،

و من لم يحظَ بقطة قماش من السترة ، أو جزءاً من شمعة ، أو كسرة من حطام قنديل ، التفت إلى القبر نفسه و الأرضية المحيطة به ، ليحظى و لو على حفنة من تراب ،

ثم …………

بلغ الخبر نساء الحي و الأحياء المجاورة ، فاندفعن نحو المقام ، و إذ وجدنه قاعا صفصفا ، التفتن إلى شجرة الجوز التي تظلله ، و ابتدأن في تقاسم لحاءها بداية ،

ثم ……..

و بمساعدة أولادهن تقاسمن أوراقها و قطعا من أغصانها ،

ثم …………..

تركنها بعد أن أمست كعجوز تسعينية في حمّام  السوق .

  نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب