نزار ب. الزين

  إثر إحدى الهجمات الشرسة لمغتصبي الأرض من بني صهيون ، فقدت أم خليل الزوج و الأخ كما فقدت البيت و الأرض ، و لكنها تمكنت بعد رحلة شاقة من النجاة  مع ولديها خليل و عائشة ، و الإنضمام إلى اللاجئين في عاصمة إحدى بلدان بني يعرب  ..

و على العكس من قريناتها إستطاعت تحويل فجيعتها  و فجيعة شعبها إلى طرائف ساخرة ، فأخذت تروي مواقف ضاحكة حصلت أثناء الحصار ، و خلال رحلة الفرار ، و ظروف اللجوء ؛ بشكل لوذعي يضحك من يسمعها و هو يبكي ، كما اشتهرت بتدبير المقالب الطريفة ..

و ذات يوم و بينما كانت تتمشى في السوق الكبير متجهة إلى عملها كخادمة غير مقيمة ( لفّاية ) في أحد  بيوت  الأغنياء ، لمحت واحدة من  معارفها ، فأخبرتها  و قد عقدت حاجبيها علامة الجدِّية : << الدوليون سيوزعون عصر اليوم إعاشة ، ألا تدرين ؟ >> ثم أكملت طريقها و هي تضحك في سرها …

و في طريق عودتها من بيت مخدومها عصر ذلك اليوم إلى حيث تقيم ، شاهدت أعدادا كبيرة من إخوانها اللاجئين في طريقهم  نحو مركز المدينة و كل منهم  يحمل  ما  لديه  من  أكياس  فارغة ، سألت   أحدهم   فأجابها : << الدوليون  يوزعون  إعاشة ، ألا تدرين ؟ >>  ثم  أكدت  لها سيدة  أخرى الخبر  ثم  ثالثة  ثم رابعة ..

هُرعت أم خليل إلى مسجد الحارة القديمة حيث أسكنوها و ولديها و آخرين  ، و رغم تعبها الشديد ، حملت ما إدخرته من أكياس فارغة ، ثم أسرعت الخطى نحو مكتب الدوليين ..

——————–

الإعاشة : حصص من المواد الغذائية الجافة و المعلبة توزعها الأمم المتحدة- من حين لآخر – على اللاجئين الفلسطينيين .

الدوليون : موظفو وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة .

——————–

نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب