أقصوصة واقعية
نزار ب. الزين
في مصيف جميل في أعلى تل الهوا ، استأجرت مصطافة من العاصمة واحدا من أجمل بيوتها ؛ و قد أصبح واضحا لأهل القرية أنها سيدة ثرية فهي تنفق بسخاء ، و ترتدي أحلى الثياب ، و تملك سيارة أمريكية فارهة ؛ و أصبح واضحا لهم أيضا أن أحدا من العاصمة لم يزرها حتى اليوم ، مع أن موسم الإصطياف قارب من منتصفه ؛ << ترى من تكون و إلى أية عائلة تنتمي ؟ و من أين لها كل هذا المال ؟؟ >> كان أهل القرية يتساءلون .؟.؟.!.
كان اللغط يدور بين نساء القرية قبل رجالها حول غموض هذه السيدة ، و لكن أحدا لم يجرؤ على سؤالها !
إلا أن مواطنا من أهل القرية يعمل في العاصمة و يعود إلى قريته خلال العطلة الأسبوعية ، أزال الغموض ، فقد همس في أذن حلاق القرية ذات يوم قائلا : << أعتقد أنني لمحتها ذات يوم خارجة من عمارة مشبوهة شرق العاصمة ، و لكنني لست متأكدا فالناس كما تعلم يتشابهون ، و أسأل الله المغفرة إن كنت على خطأ !!! >> …
و سرعانما انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم …
ثم ….
و في اليوم التالي ، شوهدت سيارتها محطمة الزجاج .. فقدمت شكوى إلى مخفر الدرك* ، إلا أن المحقق لم يصل إلى نتيجة !؟!
ثم ….
و في اليوم الذي يليه ، شوهدت عجلات سيارتها ملتصقة بالأرض فارغة من الهواء ..و سُجلت أيضا قضية ضد مجهول !!!
ثم …..
و بعد عدة أيام و بينما كانت في طريقها إلى مخفر القرية لتقدم شكوى جديدة ، بعد أن ألقى بعضهم الحجارة على منزلها فحطموا زجاج غرفة نومها ، اعترضها صبي فقذفها بحجر شج رأسها !!!! فصرخت و استغاثت و لكن أحدا لم يغثها !!!!!
ثم ……
مرت بقربها امرأة من أهل القرية فهرعت نحوها مستنجدة ، إلا أن المرأة بصقت في وجهها و هي تصيح :<< أنت فاسقة ، أنت دنست قريتنا ، و عليك أن ترحلي عنا في الحال ، قبل نرحِّلك رغما عنك !!!!! >>
ثم ..
تناولت حجرا فقذفتها به ….
ثم ..
و على صوت عويلها ، خرجت نساء أخريات من بيوتهن ، فلم يتورعن عن المساهمة في رجمها بالحجارة …
و بينما كان عدد الجلادات و الجلادين يتزايد ، كان البعض قد تسللوا إلى منزل السيدة ، و أخذوا ينهبون كل ما طالت إليه أيديهم من مقتنياتها الخاصة !!!!!
و عندما حضر رجال الدرك << متأخرين >> و تمكنوا من فك النطاق من حولها ، كانت السيدة المصطافة قد فارقت الحياة !.!.!.!.!
صُدِم أهل القرية عندما قرؤوا قصتها في الصحف ، عرفوا أنها من أعرق عائلات العاصمة ، و أنها جاءت إلى مصيفهم لتبتعد عن أقارب زوجها ، بعد أن خاضت معهم معركة قضائية حول ميراث زوجها المليونير ، ربحت إثرها معظم ثروته ، و عن أقاربها الذين فغروا أفواههم طامعين !!!!….
*************************
*حدثت هذه الواقعة في أربعينيات القرن الماضي
*الدرك : شرطة الأرياف في البلدان التي كانت خاضعة للإستعمار الفرنسي
*************************
سوري مغترب