كثيرا  ما أعجبتني كتاباته ، كتب في القصة و في المقال و في الشعر المنثور ، و كان ناجحا فيها جميعا موضوعا و أسلوبا ، و عبر الشبكة الدولية “النت” نشر أدبه في أكثر من موقع ، و ما فتئ يتواصل مع أصدقائه “النتيين” -إن صح التعبير- سواء بالرسائل الألكترونية أو عن طريق الهاتف ، و بعبارة واحدة فقد كان شعوري تجاه جمال ، أنه إنسان مثالي على المستويين الأدبي و الاجتماعي …

و ذات يوم حالك السواد ، و بينما كنت أتصل به –  كعادتي من حين لآخر-  فوجئت بصوت غير صوته ينعي إلي وفاة جمال : ” لقد توفي والدي أمس” ؛ نزل الخبر على رأسي نزول الصاعقة ، فهو لا زال في الخمسينيات من عمره و في أوج نشاطه حتى الأمس ؛ و سرعانما عدت إلى رشدي : “إنه الموت لا يراعي صغيرا أم كبيرا غنيا أم فقيرا و أنه لا حول و لا قوة إلا بالله”

و انتشر الخبر بين المواقع و الزملاء الأدباء الذين نعوه  و الألم يعتصر أفئدتهم …

أما أنا فقد بقي ألم فراق جمال في صدري خلال السنتين التاليتين لوفاته دون أن أتمكن من نسيانه ، إلى أن جاءني اتصال ، يقول المتصل فيه : ” أنا جمال صادق ” ، “ما هذا المزاح الثقيل ” أجبته متذمرا ، ثم أضفت : “و هل أصبح موت الأحبة محلا للمزاح ؟”

و لكنه أقسم لي أنه جمال ، “و ما الذي دفعك لأن تشيع خبر موتك إذا كنت حقا جمال؟” سألته مستهجنا متعجبا فأجابني بعد تردد : ” اعتبره انتحارا أدبيا فقد وصلت قناعتي إلى أن العمل الأدبي لا طائل وراءه و لا  فائدة  ترجى  منه ، كما  أحببت  من  ناحية  أخرى ، أن  أختبر  مشاعر  الناس  تجاهي !”

لم  أفتنع  بتبريره  و  لعلي  لم  أقتنع  أيضا  أنه  جمال ، ترى  هل  سيصدقه   غيري ؟!

 نزار  بهاء  الدين  الزين

سوري  مغترب