هو سكرتير الشيخ عبد الله و مرافقه في أسفاره ، أما في بيته و بين عائلته و أقاربه و أصحابه فهو شيخهم ، فبحكم صلته بالشيخ عبد الله ، تمكن من توظيف إخوته جميعا بوظائف محترمة ، كما تمكن من مساعدة الكثيرين و الكثيرات من أبناء قريته في الوطن الأم ، و من اقارب زوجته و أصحابه ، لم يكن أبو بدير يقبل المال مقابل خدماته لكل اؤلئك ، و لكنه لم يكن يمانع من قبول هدايا ، أكثرها من الذهب و أقلها من الكريستال !
في ولائم الشيخ عبد الله اليومية كان أبو بدير يتناول طعامه في المطبخ ، و في مجالس الشيخ كان يقف على قدميه قريبا منه ، و عيونه شاخصة نحوه في انتظار إشارته ؛ أما في بيته فكان يتصدر مجالسه و ولائمه الأسبوعية ، فيعامله زواره الكثيرون بكل احترام و تبجيل و كأنهم أمام الشيخ عبد الله نفسه .
***
أم بدير زوجته و مدبرة بيته و لكن بمساعدة خادمة آسوية نشيطة ، و هي أيضا سكرتيرة الشيخة لولوة حرم الشيخ عبد الله و مرافقتها في أسفارها ، و مندوبتها لشؤون التسوق ، كانت تحضر لها النماذج و العينات من كبريات المحلات التجارية ، فتنتقي منها الشيخة ما يحلو لها ، لتنعم أم بدير بإكرامية سخية ، و من صاحب المحل بنسبة مئوية مجزية .
و بحكم صلتها بالشيخة تمكنت من الحصول على تعهد خياطة ملابس تلميذات المدارس من وزارة المعارف ، فكانت الوزارة تقدم لها أثواب الأقمشة ، بينما تقوم أم بدير بخياطتها ، يساعدها في ذلك عدد من قريباتها الكثيرات ، على أن تحصل منهن نسبة من أجورهن ؛ فكانت بذلك تلعب دورين ، سكرتيرة ناجحة و سيدة أعمال ماهرة …
***
خلال أسفار الشيخ عبد الله ، كان أبو بدير يتولى شؤونه المالية ، ابتداء من تكاليف الإقامة في أفخر الفنادق ، و حتى إكراميات موظفي الفندق ، إضافة إلى التبرعات و المنح التي يأمر بها الشيخ لطالبيها و هم كثيرون في العادة ، و على الأخص إذا كانت الزيارة لبلد عربي أو إسلامي …
و خلال أسفار الشيخة لولوة ، كانت أم بدير تتولى شؤونها المالية ، إبتداء من تكاليف الإقامة في أفخر الفنادق و حتى إكراميات موظفي الفندق ، إضافة إلى التبرعات و المنح التي تأمر بها الشيخة لطالباتها الكثيرات ، و على الأخص إذا كانت الزيارة لبلد عربي أو إسلامي…
***
و خلال بضع سنوات اغتنت أم بدير فافتتحت متجرا للملابس النسائية و أدوات التجميل ” Boutique ” ثم تمكنت من شراء عمارة في عاصمة وطنها الأم من أربعة أدوار…
أما أبو بدير فقد بدأت أمواله الكثيرة تتآكل منذ زيارته الأولى لكازينو مشهور في بلد عربي سياحي ، جلس يومئذ على مائدة “البوكر” فربح بداية مبلغا كبيرا شجعه على الاستمرار حتى الفجر ، و عندما استبد به النعاس كان قد خسر أضعاف ما ربحه بداية .
و استمرت من ثم الخسارة تلو الخسارة ، و استمر من ثم يلعب “البوكر” آملا بتعويض ما خسره مرة بعد مرة ، حتى تبخرت كل أمواله ..
***
و ذات يوم استدعاه الشيخ عبد الله و كان في أوج غضبه ، كان البنك قد نبهه حول اشتباهه بتزوير أحد شيكاته بمبلغ كبير ، و سرعانما تبين أن أبا بدير هو الفاعل .
أبلغه الشيخ أولا أنه مطرود من خدمته ، و أن عليه ثانيا إعادة المبلغ خلال أسبوع ، و إلا حوله إلى القضاء .. ثم تبين أن عليه ديونا كبيرة أخرى …
و أمام هذا الموقف المحرج المشين ، لم تجد أم بدير بدا من التضحية بعمارتها .
***
بعد بضعة أشهر ، شوهد أبو بدير متصدرا طاولة البوكر في الكازينو إياه ، و قد طالت لحيته و تشعث شعره و احمرت عيناه و تقطب جبينه ، مركزا كل حواسه في ورق اللعب !!!
سوري مغترب