أقصوصة
نزار ب. الزين
زار طبيب الصحة المدرسية مدرسة قرية الغدير
و بعد أن فحص عيون الطلاب ، أعطى الأستاذ مروان زجاجة تحتوي على دواء أزرق اللون و قطارة واحدة ، ثم طلب منه أن يقطر لتلاميذه مرتين يوميا ، فأغلبهم مصاب بمرض (التراخوما) ، و أضاف موضحا : ” أن التراخوما إذا لم تعالج كما يجب قد تفقد بصر المصاب بها ” .
جويدة فتاة في عمر الزهور ،
إلا أن عينيها كانتا تدمعان باستمرار ،
لجأت إلى خميسة حكيمة القرية ،
نصحتها خميسة أن تعرض عينيها لدخان الجلَّة* قائلة : << دخان الجلة* يجوهر النضر*>>
و بدأت جويدة – من ثم – تعرِّض عينيها لدخان الجلَّة كل يوم و أحيانا كل ساعة ، على أمل الشفاء .
علم بأمرها الأستاذ مروان معلم القرية فهي شقيقة اثنين من تلاميذه .
حمل زجاجة الدواء الأزرق و القطارة الوحيدة ، ثم توجه إلى دار أبيها
و تمكن – بعد لأي – من إقناع والديها ثم من إقناعها ، في أن تجرب دواء طبيب الصحة المدرسية ؛
ما أن سكب أول نقطة في عينها اليمنى ، حتى صاحت ألما ..
– ربما ستتألم جويدة أول يومين و لكنها سوف تعتاد !
قال الأستاذ مروان مبررا ، فتصدت له خميسة قائلة :
– نحن لا نؤمن بأدوية الأطباء يا استاذ ، نحن لا نؤمن إلا بما توارثناه عن أجدادنا ..
و احتدم الجدل ، و ناصر الكثيرون حجة خميسة ..
ثم
عادت جويدة تعرِّض عينيها لدخان الجلَّة ..
*****
عندما عاد الأستاذ مروان إلى قرية الغدير بعد الإجازة الصيفية ،
لفتت إنتباهه جويدة ، تمشي في الجوار و بيدها اليمنى عصا ، و يدها اليسرى تستند على كتف أخيها الصغير .
—————————–
سوري مغترب