أقصوصة

بقلم : نزار ب. الزين

في طريقي من المطار إلى المدينة السياحية  الصغيرة التي أقصدها و الواقعة في اقصى الشمال الغربي من إحدى الدول المغاربية ؛ اخترقت مع مرافقيَّ بداية العاصمة ، ثم مررنا  بعدة مدن و بلدات ، لفت نظري فيها جميعا قاسمان مشتركان ، أولهما الأعداد الكبيرة من المقاهي المزدحمة بروادها رغم اقترابنا من منتصف الليل ، و ثانيهما أن أكثر رواد تلك المقاهي يدخنون ( الأرغيلة أو الشيشة ) .

ترى هل هو الفراغ ؟

 أليس لديهم أشغال في اليوم التالي ؟

 أليس لهم  نساء ينتظرن عودتهم ؟

 أليس لديهم أطفال محتاجون إليهم ؟

 أجابني مرافقي و هو من جئت لحضور زفافه ، و هو يضحك ؛

 إنها عادات و تقاليد .

ثم أضاف ، قبل ذهابهم إلى العمل يمرون على المقهى لتناول    ( كاسكروت ) أي شطيرة من التونة أو السردين ، و  بعد عودتهم من العمل ، يعرجون على المقهى ، لتدخين ( شيشة ) مع كوب من الشاي الأخضر، و بعد تناول العشاء مع أسرهم ، يعودون إلى المقهى ، لمنادمة الأصدقاء و تدخين الشيشة و مشاهدة المباريات الرياضية في تلفاز المقهى ، و بعضهم يتناول كأسا أو إثنين من ( البيرة ) ؛

 أجل .. إنها عادات و تقاليد  !.

        دعاني  صاحبي لحضور حفل وداع العزوبية ، حيث يتقبل العريس هدايا أصدقائه كمبالغ  نقدية  يعلنها  أحدهم  عن  طريق  مجسم  الصوت ، قال  لي  أحدهم ، إنها  عادات و تقاليد !…

ثم دعيت إلى حفل الزفاف في أحد الفنادق السياحية الكبرى ، و استمتعت بأغاني و أهازيج الفرح التراثية ، و بالرقص الشعبي الذي مارسه الرجال قبل النساء ، ثم حمل صاحبي عروسه على الطريقة      ( الهوليودية ) و مضى بها إلى غرفته في الفندق ، ثم إلى شهر العسل ، الذي دام أياما  ثلاثة .

و في مساء اليوم التالي لعودته من شهر العسل ، بحثت عن صاحبي العريس لأودعه ، عثرت عليه قبيل انتصاف الليل ، في أحد مقاهي البلدة السياحية الصغيرة ، يتبادل مع أصحابه أنخاب دخوله القفص الذهبي (!) ،

كانوا جميعهم – كذلك – يدخنون  الشيشة .

بدت عليَّ الدهشة ،

علق صاحبي العريس على دهشتي و هو يضحك ،

 إنها عادات و تقاليد !!!

—————————–

*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب