يتعوذون من شياطين الكوكب الثالث
قصة خيالية قصيرة

نزار ب. الزين*

     صرح  و لكن مصدره الفضاء الخارجي !”مؤخرا ضابط كبير من ضباط الجيش الأعظم رفض أن يذكر إسمه ، قال :  ” إن ما يزعمون تسميته بالإنذار الوهمي  ،الذي  سببه خطأ نسبوه إلى الحاسوب ، لم يكن وهميا على الإطلاق ، لقد كنا بالفعل معرضين لغزو  ، و لكن مصدره الفضاء الخارجي !”

*****

الزمان : الرابع  عشر من  الشهر الثامن  لعام  ألفين و عشرين  بعد الميلاد .
المكان : حافة الغلاف الجوّي ، إضافة إلى ثلاث قمم للجبال التالية :  في الشرق سلسلة التبت ، في الوسط  سلسلة الألب ، و في الغرب سلسلة روكي .
الحدث : ثمت مركبات ثلاث مما إصطلحت الصحافة على تسميتها ، بالأطباق الطائرة أو الأجسام الطائرة المجهولة المصدر ( UFO ) ؛ تمكنت كالعادة من التسلل عبر أقوى أجهزة الرادار لتستقر فوق تلك القمم ، بينما بقيت المركبة الأم ، تحوم في الفضاء الخارجي .
الهدف : استكشاف كوكب الأرض عن قرب ، عن طريق رصد كل ما يذاع ، إعتبارا من الإرسال التلفزي و حتى مكاملات الهواتف الجوالة ، ثم تحويلها إلى المركبة الأم من أجل تحليلها جميعا .

*****

 الزمان : الثاني عشر من الشهر العاشر للعام العشرين بعد الألفين للميلاد .
المكان : منظومة كوكب زحل
” و منظومة زحل هي مجموعة من الكويكبات تدور حول الكوكب المذكور و تستمد طاقتها المغناطيسية من دوران حلقاته ، حيث قامت حياة ذكية متقدمة في مركزها أي في كويكب   ( هابريون ) ”
الحدث : وفد كبير من علماء هابريون ، يستعد على عدد من المركبات الفضائية لإجراء أول زيارة دبلوماسية في التاريخ لما يسمونه بالكوكب الثالث ، و ذلك بعد سنوات طويلة من إعداد الأقنعة المناسبة و تطوير أجهزة التفاهم ، و بعد رحلات إستكشافية استغرقت عشرات السنين ، و على مراحل متفاوتة من الزمن ، آخرها المرحلة الناجحة الحالية ، و ذلك بعد تردد طويل سببه إختلاف التكوين الخارجي ، و وجود بعض الغازات التي لا تناسبهم  ،  و الحيرة أمام غزارة اللغات التي أحصوا منها حتى الآن ألفي لغة .

*****

 الزمان : الثالث و العشرين من الشهر العاشر للعام العشرين بعد الألفين للميلاد
الحدث : أوامر صارمة للمركبات المستقرة في أعالي التبت و الألب و الروكي بالإقلاع فورا ، و ما أن إلتحمت ثلاثتها بالمركبة الأم حتى صدر إ ليها الأمر بالعودة إلى الوطن في الحال و عندما استفسر قائد الرحلة عن الأسباب ؛ أجابت القيادة : ” لقد ثبت لدينا من تحليل البيانات الأولية التي وصلتنا منكم أن الكوكب الثالث (الأرض )  خطير للغاية  و قد  يتفجر  بمن عليه  في  أية  لحظة  !!!  “

 *****

تقرير من رئيس المختبر الوطني للأبحاث إلى رئاسة المجلس الأعلى لحكماء هابريون
سيدي الرئيس
لقد تأكد لدينا أن الكوكب الثالث من مجموعتنا الشمسية عبارة عن قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة ، فهو كوكب مشحون بآلاف العبوات الإنشطارية و الإندماجية أو المتلفة أو المعطلة للأنساق البيولوجية بمختلف أشكالها ، و هي عبوات هندسية متقدمة نسبيا تشير إلى صناع  أذكياء إلا أنهم عدوانيون  بطبعهم على وجه العموم ، و هناك أكثر من سبب يرجح إنفجارها في أي وقت مجتمعة أو متلاحقة ، مما سيؤدي إلى دمار الكوكب المذكور أو خروجه عن مداره أو ، بأفضل الإحتمالات ، القضاء على جميع الأنساق البيولوجية فوقه.
إن مخلوقات الكوكب الثالث التي راقبتها مركباتنا الإستطلاعية و التي أجرت فحوصا و إختبارات على أكثرها ؛ يتميز منها مخلوق واحد هو أذكاها و أنشطها طبقا لوصف عالمنا الكبير ( أرشودار ) ، و لكن أرشودار لم يكتشف أن أن هذا المخلوق الذي نعته بالجمال و الوداعة هو أكثرها شراسة و وحشية و عدوانية و خاصة حين يغضب .
هذه المخلوقات الذكية تقيم إحتفالات كبيرة تتضمن طقوسا في غاية الغرابة ، تقضي بأن يمزقوا بعضهم بعضا بمختلف الوسائل ، و قد تمكنا من حصر أكثر من عشرة آلاف وسيلة .
تصور يا سيدي أن إحدى مجموعاتهم ألقت على مدينتين على الأقل من مدن مجموعة منافسة قنبلتين تعتمدان على إنشطار الذرة فقضت على آلاف الأنساق البيولوجية في لحظات  !
أما أبسط وسيلة فهي عبوة تستطيع تدمير مبنى من عدة طوابق خلال ثوان و سحق من فيه سحقا كاملا أسموها الفراغية . و عبوة ثانية يسمونها العنقودية تنشر مئات القنابل الصغيرة على مساحة واسعة فتفتك بعشرات المخلوقات من كل الأجناس ، و عبوة أخرى أسموها الفوسفورية تحرق كل ما تطاله من حجر أو بشر .
إن هذه المسالخ الهائلة التي يقيمونها  من حين لآخر ليس لها هدف واضح ، فبينما تتقاتل المخلوقات الأخرى على الكوكب الثالث ليتغذى أقواها على أضعفها ، و هو ما وصفه الأستاذ أرشودار  بالطريقة الطبيعية الشاذة للبناء العضوي ، فإن ما اكتشفته بعثاتنا و آخرها بعثتنا الحالية التي تقرر إعادتها قبل إكمال مهمتها ؛ أن الشذوذ الحقيقي هو الإقتتال غير المغرض بيولوجيا الذي يمارسه هؤلاء .
و قد أكتشفنا أيضا أن هذه المخلوقات تنقسم إلى فئات كثيرة لا يمكن حصرها ،  تظن كل واحدة منها أنها الأفضل ، قد يتعايش بعضها اليوم مع البعض الآخر ، و قد يتقاتلون غدا ، تحت مسميات و شعارات كثيرة كالدفاع عن الوطن أو العقيدة ، أو نشر الدمقراطية ، أو مكافحة الإرهاب أو تحقيق العدالة المطلقة أو نشر العولمة الثقافية و الإقتصادية ، و في حقيقة الأمر أن الأقوى  فيهم  يعتدي  على الأضعف لينهب ثرواته و يسرق طعامه  و يستعبد أفراده .
سيدي
إنهم حقا أذكياء ، إلا أنهم مضطربون عقليا ، و هنا يكمن خطرهم الحقيقي ، و إن إمتلاكهم لهذا القدر الهائل من الأسلحة المدمرة يجعل من هذا الكوكب مسلخا عملاقا لا تعرف و لن تعرف الأكوان مثيلا له .
إنه يا سيدي كوكب مجنون ، مقضي عليه بالفناء ، و لا يصلح لأي نوع من الزيارات حتى لو كانت لغرض السياحة .
و عليه أرجو سيدي أن تأمروا بإلغاء جميع المشاريع المتعلقة بالكوكب الثالث  .

——————————

*نزار بهاء الدين الزين

سوري مغترب