أقصوصة

نزار ب. الزين*

      التهم شطيرة الفلافل مقرونة بعدة رشفات من النبيذ الأحمر الذي يعشقه ، ثم أخرج من جيبه علبة لفائف التبغ ، فأشعل واحدة و أخذ يرتشف دخانها بشغف ، و هو يردد أغنية قديمة : ” الدنيا سيغارة و كاس …للي ظلموه الناس ..” ؛

 ثم …

اندس في فراشه جالسا  ،

ثم …

التفت نحو كومة  الرسائل التي كان قد نضدها بعناية فوق الدرج المجاور لسريره ،

ثم ….

ابتدأ يفضها واحدة إثر واحدة بعناية خبير متمرس ، مستخدما قطعة إسفنج مبللة ، و مع كل رسالة كان يصدر تعليقا منغما يتناسب مع ما اكتشفه .

* ” عيني  عيني على العاشقين … حيارى و مظلومين ! ” ثم أضاف : ” اليوم يبث لها لواعج شوقه و لهفته لوصالها ، و إذ تصبح ملك يديه يذيقها الذل و الهوان ! “

* ” اشتدي أزمة تنفرجي …قد آن أوانك بالبلج …” جاءك الفرج من تحت الدرج ، إحسب يا أبو البهايج ، إحسب… ،  إنها خمسون أخضرا امريكيا ، أرسلها ذلك المهاجر الأحمق لوالده ، كم مرة حذرت وسائل الإعلام من إرسال النقود بالبريد العادي ؟!….الحمار يريد أن يوفر أجور الحوالة البنكية !.. أنت أولى بهذه النقود يا أبو البهايج ، من ذلك الحمار أو أبيه …

* يجس بيده الخبيرة رسالة جديدة ، يصيح جذلا : ” مؤكد  رزق جديد من أحمق آخر ” يفتحها ، يجد بين طياتها جسما صلبا ، ملفوفا بعناية بمنديل ورقي : ” يظن الأحمق أن أحدا لن يكتشفه ، ياه……إنه خاتم مزين بفص براق .. لا بد أنه خاتم ثمين !”  ثم يضيف بصوت أعلى : ” اليوم مفتوحة في وجهك يا بهجت يا إبن مدحت”

* الله .. الله  ..” هنا حط بنا الجمّال ! ”  سافل آخر يستحق الحرق .. إنها مجلة إباحية ، كأسك يا ابا البهايج نخب هذه الهدية الشيطانية …

كان بهجت يتناول كل بضع ثوانٍ رشفة جديدة من نبيذه الأحمر المعتق ، و رشفة أخرى من سيغارته ، و قد هزته غنائمه الجديدة طربا …

أشعل لفافته السابعة ،

ثم ..

رفع كأسه الخامسة أمام  ناظريه فوجدها لا زالت ممتلئة حتى نصفها ،

ثم …

حاول ارتشاف ما تبقى دفعة واحدة  ،

ثم ….

غلبه النعاس فغفا ..

ثم …..

سقطت لفافة التبغ من يده مشتعلة فوق فراشه !

=======================

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب