أقصوصة

نزار ب. الزين*

       سكنت في الريف ، اختصارا للنفقات ..

و لكنها أحست أن بعض التحف الثمينة التي قُدمت إليها يوم  زفافها ، أخذت تتناقص …

و ذات ليلة ..

شعرت بحركة مريبة في حديقة المنزل ، كانت صوت أقدام تتحرك ، فجمعت أولادها على عجل في غرفة الضيوف ، و أحكمت إغلاق بابها ، و دعمته ببعض قطع الأثاث  .

و قد شاهدوا جميعا – و هم يرتعشون هلعا – قبضة الباب و هي تتحرك في محاولة يائسة لفتحه …

و إذ عجز اللص عن دخول الغرفة مضى خائبا ..

*****

لم يعد السكوت على ما يجري ممكنا ، فتوجهت إلى مخفر الشرطة ، و طلبت مقابلة رئيسه.

بعد أن سمع قصتها ، هنأها على رباطة جأشها ، ثم أعطاها صافرة : ” عندما تشعرين بأن اللص داخل الحديقة ، و بعد أن تحكمي إغلاق الأبواب ، اتجهي إلى أقرب نافذة و انفخي في الصافرة بكل قوتك ” قال لها ، ثم أضاف : ” و سيكون رجالنا في الجوار ، و سيقبضون على اللص بعون الله ” .

*****

في اليوم التالي ، قُبض على اللص ، و هو يحاول الهروب متسلقا سور الحديقة .

كان يناضل للتملص من بين أيديهم ، فاضطروا إلى ضربه حتى أوقفوا مقاومته ..

عندما مروا به أمامها و هم يجرونه ، استبد بها الفضول لمعرفته ،

فألقت خمارها على راسها على عجل ، ثم خرجت لتراه عن كثب ..

و  كالصاعقة نزلت على أم رأسها  ،عندما أدركت الحقيقة المرة …

فقد كان اللص بِكرها “معتز” …

*****

بدأت القصة عندما خسر زوجها التاجر إحدى صفقاته التجارية ، فعاجلته علة قلبية فقتلته .

خلف لها المرحوم بعض المال ، فاجادت إخفاءه ، و اخذت تصرف منه بالتقتير على سبعة من البنين و البنات …

و زيادة بالحرص و اختصارا للنفقات ، اشترت بيتا في الريف ، سكنت فيه مع فلذات الأكباد .

إلا أن أكبرهم – معتز – و قد شده رفاق السوء ، لم يقتنع بما تقدمه له والدته ، فظل ردحا من الزمن ، يستنطقها  :

” أين خبأت ثروة أبي ؟ “

” أنا الآن بالغ راشد و لي حصتي في المبراث “

فكانت تحاول اقناعه بالحسنى أنها لا تملك إلا  القليل الذي يكاد يغطي تكاليف  تنشئة  إخوته ، و أن  عليه  أن  يبحث  عن  عمل  بدلا  من  ( الصياعة ) مع رفاق السوء ، ليساعدها في تربية إخوته .

و لكنه  تطاول عليها  ذات يوم …

فطردته معلنة غضبها عليه …..

=======================

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب