أقصوصة
نزار ب. الزين*
كانا يتسكعان بعد الدوام المدرسي ، هما صديقان و زميلان في الصف الثاني الثانوي ، في الثالثة عشر من العمر ؛ لمحا تلميذتين في عمريهما تقريبا خارجتين لتوهما من مدرستيهما ، نادى محمود ” يا قمر !.. ” فالتفتت إحداهما ، فأكمل محمود متصنعا الغناء : ” بص في عيني ، شوف حبيبي و شوف جماله ” ، فضحكت الفتاة و شاركتها زميلتها الضحك ، و لكنهما تابعتا سيرهما مسرعتين .
ظن محمود و زميله أن الفتاتين تجاوبتا لغزلهما، فأصرا على متابعتهما ، صعدتا الحافلة فصعدا وراءهما ، هبطتا منها فهبطا وراءهما ، غنى محمود ثانية : ” حبيبي .. كل ما فيك يا حبيبي حبيبي ، شعرك ليلي ، و ليلك قمري ، و حبك رحلة عمري و قدري .. ” و لكن لم تلتفت أي منهما بل ضاعفتا سرعتيهما حتى قاربت الهرولة .
صعدتا طريق الجبل ، جادة بعد جادة ، فصعداه وراءهما ، و عاد محمود للغناء و هو يلهث : ” مشغول عليك مشغول ، ما اقدر أغيب عنك ” .
في الجادة الرابعة و على حين غرة دخلت الفتاتان دكان بقال ، ثم خرجتا مسرعتين ، و قبل أن يهما بمتابعتهما ، خرج إليهما البقال و في يده عصا غليظة .
” ألا تستحيان يا هذين ، أليست لكما شقيقات ، هل فقدتما نخوتكما و شرفكما يا أولاد ….. ؟! ” و هم بالإقتراب منهما ملوحا بعصاه ..
ارتبك محمود و هم بالفرار و لكن زميله سليم عاجلته فكرة :
” عمو أنا طالب قرب ، أمي تخطب لي و تبحث لي عن فتاة مناسبة ، و قد أعجبتني تلك التي على اليمين ، فقط أردت معرفة دارها لأرشد والدتي إليها ! و صديقي هذا ليس أكثر من مرافق “
هنا ، و أمام ذهول الصبيين .. تحول غضب البقال إلى قهقهة عالية ، و بعد أن هدأ قليلا قال موجها كلامه لسليم ، و بصوت لا زال الضحك يقطعه : ” إذهب لأمك – يا روح أمك – و اطلب منها رضعة ! “
=======================
سوري مغترب