أقصوصتان واقعيتان
نزار ب. الزين
سِحْر
قالت أم صلاح لابنتها بكل جدية و بمنتهى القسوة ، اسمعي يا رقية ما أقوله لك و أنا بكامل وعيي : “لا تحضري لزيارتي بعد اليوم ! “
أصيبت رقية بالدهشة و بعين دامعة و فم مرتعش أجابتها “أتطردينني من حياتك يا أمي ؟ أتطردينني من البيت الذي نشأت فيه ، بماذا أذنبت كي تتخذي هذا القرار ؟”
قطبت أم صلاح جبينها بينما كانت تجيبها :”لا تتغابي يا رقية ، لقد فعلتِ الكثير … بالأمس فقط علمت كل شيء …أنت تمارسين عليَّ السحر كما مارستِه على والدك قبل أن يرحل… “
ضحكت رقية في الوقت الذي كانت تبكي ثم تساءلت مندهشة : ” أنا مارست على أبي السحر و أمارسه عليك ؟ و ما الذي يدفعني لذلك ؟ و أنا التي لم أكف عن حبكما لحظة واحدة ، و لم أتوقف عن قلقي عليكما ليلا أو نهارا ؟ أنا أسحرك والديَّ الحبيبين يا أمي ؟ “
تجيبها الوالدة بغلظة : ” نعم أنت و الغاية معروفة ، تتعجلين موتنا لترثي البيت و ما فيه !” ثم أردفت…” كنتِ كلما زرتِنا خلال أيام والدك الأخيرة تزداد حالته سوءاً و تتفاقم أوجاعه ، وبعد رحيله و بعد كل زيارة من زياراتك الكثيرة لي ، أصبحت أشعر بتفاقم مشكلة التهاب مفاصلي و ارتفاع ضغطي و زيادة السكري في دمي !!..”
يزداد نشيج رقية و هي تتساءل متعجبة : “كل هذا من سحري ؟؟ و ليس بسبب تقدمكما في السن ؟ لا يا أمي ، هذا الكلام لا يصدر من أمي حبيبتي التي أعرفها ….”
ردت الوالدة مشددة على كل حرف : ” نعم هو من سحرك ، أكدت لي ذلك أم فوزي العرافة أمس “
موعظة
*عليَّ الطلاق بالثلاثة ، إذا خرجتِ من بيتي بعد اليوم لزيارة أي إنسان حتى لو كان أمك ، لن تعودي إليه ..
*عليَّ الطلاق طعام الغداء عندي اليوم…
*عليَّ الطلاق ثلاثا ، إذا لم تكتب واجباتك المدرسية يا فيصل ، لكسرت هذه العصا على جنبات جسدك …
*عليّ الطلاق لم أختلس من الخزنة قرشا واحدا …
و هكذا اعتاد رجال تلك البلدة الصغيرة على لفظ يمين الطلاق في كل المواقف حسنها و سيئها .
لم ترق هذه الحالة لإمام مسجد البلدة و هو شيخ طاعن بالسن ، فخصص خطبة الجمعة التالية لإثارة هذا الموضوع
ثم …
صعد المنبر ، و بدأ في إلقاء موعظته :
– فليعلم الحاضر الغائب ، أن يمين الطلاق حتى لو صدر بدون نية حقيقية فهو نافذ ..و هذا يعني بصريح العبارة أن معظم نسائكم مطلقات شرعا و أنكم تعاشورهن بالحرام ..
إن الله جل و علا ، عندما أباح الطلاق وصفه بأنه أبغض الحلال عنده !!
يمين الطلاق أيها الناس لا يجوز صدوره إلا في حالات الضرورة القصوى و التي نص عليها الشرع …
أما هذا الدارج على ألسنتكم فهو من المحرمات …..
ثم …
و بانفعال شديد أضاف : ” لقد شهدت بالأمس طفلين يتشاجران فأخذ كل منهما يهدد غريمه مدعما تهديده بيمين الطلاق” أطفالكم يحلفون الطلاق يا بشر ، هل هذا يجوز ؟!!!…
ثم ….
و بانفعال أشد و بصوت يشبه الصراخ ، أضاف مؤكدا :
عليَّ الطلاق أن ما تفعلونه من الكبائر ، ما تفعلونه أيها الناس حرام ..حرام .. حرام !!!
==============
سوري مغترب