قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

        كنت حتى قبل شهر واحد مضى زوجة سعيدة  فلدى زوجي عمله الخاص الناجح ، و هو مخلص  و محب لأسرته  ، و لديّ منه طفلان أولهما ابنة في التاسعة و الآخر ابن في السابعة  ، و كلاهما متقدم في دراسته ، و لم يعان أي منهما  من أية مشاكل من أي نوع .

و ذات يوم عادت ابنتي و برفقتها طفل يماثلها عمرا ، و بكل براءة عرفتني عليه قائلة أنه صديق و لكن بالتعبير الأمريكي (  BOYFRIEND)

فضحكت ملء شدقي فقد كان الموقف في غاية الطرافة بالنسبة لطفلين ، و في المساء أردت أن أن أضحك زوجي كما ضحكت إلا أنه بدلا من ذلك استشاط غضبا  فنادي الطفلة  ثم  لمفاجأتي الشديدة صفعها و هو يصرخ في وجهها قائلا : ” أحقا ما سمعته  من أن لك صديقا ذكرا ؟ نحن عرب لا نقبل الا بصداقة  البنت للبنت  و الصبي للصبي ، و اذا  علمت ثانية  أنك صادقت ذكرا  ذبحتك ذبح النعاج .

لقد عقدت المفاجأة لساني  و انصرفت بداية  الى تهدئة الطفلة التي أصابتها نوبة مَرَضية من الخوف و البكاء الهستيري ؛ و أقول الحق أنني لتوي عرفت جانبا كنت أجهله من شخصية زوجي ، و عندما ولجنا  الى غرفة النوم أثرت الموضوع عاتبة و غاضبة  الا أنه ألقى في وجهي مفاجأته الثانية  فقد قرر  – من جانب واحد – تصفية أعماله هنا و العودة الى الوطن .

لم أجد في سلوك ابنتي الا البراءة ، أما التعبير الذي فاهت به فلا معنى له  في عمر ابنتي ، و كان  من الممكن  إفهامها بالتدريج و بدون عصبية و تشجنج أن هذا الأمر لا يتناسب مع ثقافتنا و أعرافنا ؛ و لكن ما أقلقني أكثر  قرار زوجي التعسفي ، الذي اذا نفذه  يفقد فرصة جيدة للإرتزاق قد لا تعوض في الوطن الأم و هذا يعني أيضا البداية من الصفر مجددا مما سوف يكون شاقا عليه و عليَّ و على أطفالنا .

فالأطفال سوف يختلف عليهم الجو الدراسي  فمناهجنا في بلادنا معقدة و أساليب الامتحانات لا زالت على حالها منذ أيام العثمانيين، هذا اضافة الى اعتيادنا على حياة اجتماعية مستقلة  بعيدة عن مداخلات الآخرين ، أقول لك الحق – يا عزيزتي –  لقد أصبحت حياتي منذ تلك اللحظة جحيما لا يطاق ، فلا يمر يوم بلا جدال أو شجار حول الموضوع ، أجد دوما في آخرهما اصرارا متضمنا دكتتورية استيقظت من ثباتها في شخصية زوجي لم أعهدها من قبل .

ماذا  بامكاني  أفعل – يا  صديقتي – ؟  هل  يمكنك  نجدتي  برأي  يخرجني  من  هذا الجحيم ؟

——————————

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب