أقصوصة في حوار
نزار ب. الزين*
بعد أن ودعته الوداع الأخير ،
و ذرفت ما ذرفت من دموع اللوعة ،
و بينما هي مسترخية على كرسيها الهزاز تفكر في أيامه المؤلمة الأخيرة ..
رن جرس الهاتف :
– من معي من فضلك
= أنا يوسف ابن المرحوم عطا الله اليوسف !
– تشرفنا !
= فقط أحببت أن أسألك ، متى ستخلين البيت ؟
– أخلي البيت ؟! و لِمَ عليَّ أن أخليه ؟
= لأنني بحاجة إليه ، لا تنسي أنني وريث المرحوم الوحيد ؟
– و لكنه بيتي ، وهبه لي المرحوم !
يصيح بأعلى صوته :
= نعم ؟؟؟
هذا نصب و احتيال يعاقب.. هذا اغتصاب لمال الغير .. هذا استغلال لأمانة أوكلت إليك ؛ لقد انتدبتك المستشفى للعناية بوالدي و ليس للإستيلاء على أمواله !… و الله و بالله ..لن أسكت على هذه السرقة العلنية ، لسوف أقاضيك و أجرك إلى المحكمة جرا ..و سيكون السجن بيتك و ليس بيت أبي !….
– هل انتهيت من سلسلة شتائمك يا سيد يوسف ؟؟ لقد جاء دوري لأرد عليك :
أين كنت عندما ساءت صحة والدك ثم تدهورت ؟
أين كنت عندما هتك مرض السكري عينيه فتحول إلى نصف ضرير؟
أين كنت عندما نهشت قدمه القروح حتى اضطر الأطباء إلى بترها ؟
أين كنت عندما لم يعد قادرا على الحركة إلا بواسطة الكرسي المتحرك ؟
أين كنت عندما لم يعد قادرا على قضاء حاجاته الضرورية إلا بمساعدتي ؟
أين كنت عندما كنت أنظفه و أزيل عنه إفرازاته و قاذوراته ؟
أين كنت عندما تسمر على فراش الموت أكثر من أربعين يوما ؟
هل حاولتَ يوما أن تهاتفه و تسأل عنه ؟
و لمعلوماتك فقد تزوجني والدك زواجا شرعيا ، و سجل البيت باسمي في السجل العقاري عندما كان في كامل وعيه ، و بحضور الشهود !
إفعل ما يحلو لك ، يا سيد يوسف ! قاضِني إن شئت ، و لكن فضيحتك سوف تكون على يديَّ ..
ثم أغلقت مسرة الهاتف في وجهه .
——————
سوري مغترب