قصة قصيرة

   نزار ب. الزين*

قُبل الدكتور ماهر  في  مستشفى الصوفية الخاص  كطبيب طوارئ في البداية ، و بسرعة مدهشة أثبت جدارته كطبيب ماهر في مهنته ، إنساني في سلوكه ، حتى أصبح محل احترام  مرضاه و زملائه و رؤسائه على السواء .

و بعد أقل من سنة ، رُقي إلى طبيب مسؤول عن أحد الأجنحة ، فكانت سعادته لا توصف  ؛ و إذ شعر  أنه استقر ماديا و معنويا أقدم على الزواج ، و قد شاركه فرحته جميع زملائه بمن فيهم مدير المستشفى .

و ذات يوم ، استدعاه مدير المستشفى …

كان المدير متجهم الوجه ، عاقد الحاجبين  ، محمر المقلتين ، اضطرب الدكتور ماهر حين رآه في هذا الحال ، فتوجس شرا و أخذ يضرب أخماساً بأسداس ؛ و بصعوبة بالغة أخرج المدير كلماته المفجعة :

– أنت مُسرح يا دكتور ماهر !!… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

            كانت الساعة العاشرة صباحا .

خرجوا بانتظام في مظاهرة سلمية إحتجاجا على غلاء الوقود ، قادة المظاهرة حرصوا أن تكون المظاهرة هادئة ، و أن تكون الهتافات معتدلة ، إنضم إليهم – من ثم –  طلاب المدارس ، و كانو أيضا هادئين ملتزمين ، يحيطهم فتيان الكشافة من ذات اليمين و ذات اليسار .

قطعت المسيرة شارع الحرية ، ثم شارع الوحدة العربية ، فشارع العدالة و ما أن احتواهم شارع الدمقراطية ، حتى وجدوا رجال الأمن بخوذهم المعدنية و تروسهم الطويلة و عصيهم الغليظة و من ورائهم سيارات إطفاء الحرائق و حافلات السجون ؛ يسدون الطريق و يمنعون المتظاهرين من مواصلة السير .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

            بلغ عوني في تحصيله العلمي المرحلة الثانوية ، و رغم نجاحه المتواصل ، لا زال يعاني من الخجل الشديد ، يرتبك إذا تكلم و يشتعل وجهه و يتصبب عرقا إذا سُئل ، و خاصة إذا كان المدرس هو السائل ؛ حتى أصبح محل سخرية زملائه و تندر مدرسيه .

       عانى عوني الكثير من حالة ضعفه هذه ، ثم  بدأ يقاومها بالتبجح و الإدعاء سعيا وراء بعض الإحترام لشخصيته المهزوزة ، فوالده غني و صديق شخصي لوزير المعارف ، و عمه صديق مدير مدرسته هذه ( من الروح للروح ) ،  أما والدته فهي صديقة أثيرة لزوجة رئيس الجمهورية .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة واقعية

نزار ب الزين

*****

     أُحيل  الضابط الكبير محمد الجاسم على التقاعد بعد بلوغه الستين من عمره ، و سرعانما تحول إلى إنسان مكتئب عصبي المزاج ، كملك فقد عرشه !

 ثم ….

بدأ يحوِّل ما اكتسبه خلال وظيفته من سلطان مطلق ، إلى رب أسرة متسلط متجبر طويل اليد و اللسان ، غير متقبل لأي اعتراض ،

ثم  …

بنى جدارا  بينه و بين أقاربه و أصحابه فلم يعد يطيق مقابلة أيا منهم ، حتى انفضوا من حوله ، فيما عدا عمِّه والد زوجته  و الذي كان يستقبله أيضا بشيء من الجفاء ..

ثم ..

أصبح يتشاجر حتى مع الذباب إن حام حول وجهه .… اقرأ المزيد

أقصوصة

.

نزار ب  الزين

       كنا نعيش في حي على  حدود الريف ،  و كان الشهر تموز ، و كان يوما فُتحت فيه في كبد السماء طاقة أطلت منها جهنم ، و لكننا في لهونا تجاهلناها حتى انبثق الماء من مسامات جلودنا نزفا ، فتباطأنا و كدنا ننصرف ، لولا أن هدير النهر القريب أغوانا فاستجبنا له ،

ثم ..

خضنا فيه ،

ثم …

تراشقنا بمائه ، فبلغ صراخنا و ضحكنا عنان السماء ، و شعرنا أن الأرض بما عليها صارت ملكنا ،

ثم ….

اكتشفنا أن النهر أغرقنا بمائه ،

ثم …..

انتبهنا أن البلل اخترق ثيابنا و نفذ حتى العظام ،

ثم …….… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب  الزين*

     بالتأكيد  يحملني المسؤولية …

يدخل مقطب الجبين و يخرج  معفر الوجه بصفرة الكراهية ، عندما يواجهني  يشيح بوجهه عني ، و إن حاولت مخاطبته تجاهلني ، و إن ألحفت ، ينظر إليَّ شذرا ثم يلج إلى غرفته و قد تحرقت عيناه .

ألم تكفني عذاباتي بفقد فلذة كبدي ، ليزيدني بتعذيبه الصامت كل يوم ؟ …

هو بالتأكيد يحملني المسؤولية ….

فهل أنا مسؤولة عن القدر ؟.. عن طفل كان يلعب كما يلعب كل الأطفال ، لينتهي لعبه بمأساة ؟

*****

بدأت القصة منذ حوالي شهر

كان كريم يلعب مع أصحابه فوق سطح العمارة ، كما كان يفعل كل يوم ، تستهويه و صحبه لعبة ( الغميضة ) ، يطلب لأحدهم أن يغمض عينيه ، و ينتشر الآخرون باحثين عن مخبأ ، و على مغمض العينين أن يعثر عليهم بعد أن يعد ببطء إلى العشرة ..… اقرأ المزيد

قصة و حوار

نزار ب. الزين

– تعال يا حبيبي إفرح بما أنجزته زوجتك .
جرته نحو الحاسوب ،
فتحت موقع الفكر و المعرفة ،
ضغطت على عبارة منتدى الحوار الراقي ،
ظهر عنوان كبير : ” منتدى الحوار الراقي يجري مقابلة مع الأديبة الصاعدة السيدة هيفاء سامي ”
وقفت تتأمل تعبيرات وجهه ، توقعت أنه سيفرح ، و أنه سيهنئها بحرارة ،
و لكن …
تجهم وجهه ، قطَّب جبينه ، عقد حاجبيه ، ثم أخذ يهز رأسه يمنة و يسرة و هو يردد :
– ماشاء الله .. ما شاء الله ….!
ثم متهكما :
– الأديبة الصاعدة … ما شاء الله ..!… اقرأ المزيد

  حوار قصير  

 نزار ب. الزين*

       سيدي ، أرسلني إليك أبو عمر البقال ، قال : ” أنك رجل فاضل و متبحر في أمور الدين ، مشكلتي يا سيدي أن زوجتي في بيت أهلها منذ أيام ، و عندما قابلت والدها مطالبا بعودتها إلى بيت الزوجية ، طالبني بمنحها حقوقها كي يكون بوسعها القيام بواجباتها ؛ أنا لا أعلم أن للزوجة حقوقا ، افدني أرجوك : “هل أنا على خطأ ؟”

يجيبه : ” أفصح أكثر يا بنيَّ ”

يسرد له شكاوى زوجته و والدها ، فيجيبه مؤكدا :

– المرأة ناقصة عقل و دين و بناء على ذلك :

–  لا يحق لها زيارة أهلها إلا إذا كانت الزيارة بإذنك

– لا يحق لها أن تستقبل زوارا في بيتك ، جارات ، صديقات ، قريبات مهما كانت درجة قرابتهن ، إلا بعلمك و موافقتك .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

عندما تخرج و حصل على  مرتبة الشرف ، هلل له إخوته بنينا و بناتا فرحا و حبورا ، فقد اتجه البنون – بعد وفاة والدهم –  إلى إدارة عمله التجاري الناجح ، و اتجهت البنات إلى ممارسة طبيعتهن كزوجات و أمهات  ؛ إلا سعيد الذي أصر على دراسة الطب ثم التخصص بالطب النفسي ، و هو من التخصصات النادرة في ذلك البلد العربي ..

سرعانما تلقفه أحد المستشفيات كرئيس لجناح الأمراض العصبية و النفسية ؛ و لكنه صرح لشقيقه الأكبر أنه غير سعيد  بعمله كموظف حتى لو كان رئيس قسم ، فهذا لا يتتناسب مع طموحاته بعد كل هذه السنين من الدراسة في الخارج و التي استهلكت كل ما ورثه من المرحوم .… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب. الزين*

       في أواخر العشرينيات من عمرها  ، لو دخلت مسابقة الجمال لتربعت على عرشه ، و لكن وجهها لا يخلو من الحزن ؛ كانت في بداية سكناها إلى جوارنا  منعزلة في شقتها ، متقوقعة  ، غامضة ؛ لم ير أحد لها زوجا ، ولم يشاهد أحد لها زائرا أو زائرة  ؛ فأخذ سكان العمارة يتهامسون و قد استبد بهم الفضول و كل منهم يخمن فرضية ما عن حالتها ، إلى أن جاء يوم قرعت فيه بابنا في ساعة متأخرة من الليل : ” آسفة لإزعاجكم و لكن هاتفي معطل و أحتاج لمكالمة ضرورية و مستعجلة “

–      حبيبي ، أكثر من أسبوعين مضى على آخر زيارة ؟ حقيقة أقلقتني …

–      مشغول ؟ أعلم أنك مشغول و أعلم أنك تحمل مسؤوليات جساما ، و لكنك حتى لم تهاتفني !… اقرأ المزيد