قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

    قبل عشر سنوات ، تخرجت  من  إحدى  دول حلف  وارسو أيام  الإتحاد السوفييتي سابقاً .

إلتحقت بأهلها في أمريكا التي هاجروا إليها مؤخرا .

فوجئت أن عليها معادلة شهادتها لتتمكن من مزاولة الطب .

دخلت إختبارات المعادلة خمس مرات دون أن تفلح !

نصحها كل من والديها أن ترضى بأي عمل فذلك أفضل لها من المكوث بين جدران البيت .

تجيبهم : ” أنا دكتورة “

قدمت طلبات العمل في عدد من المشافي و المجموعات الطبية .

عرضوا عليها الإشراف على مختبر في أحد المستشفيات ، عادت بعد المقابلة مكتئبة ؛ يحثها والدها على  قبول  العمل ، أفضل  من  التجمد  خلف  التلفاز ، ترفض  باكية  و هي  تجيبه :     ” أنا دكتورة “

عرضوا عليها ، أن تكون في سلك التمريض إسميا و مساعدة للطبيب عمليا ، عادت بعد المقابلة مكتئبة ، تحثها والدتها على قبول العمل ، افضل لها من قضاء الساعات خلف الحاسوب  ، ترفض باكية و هي تجيبها : ” انا دكتورة “

إزدادت عزلتها ، تقوقعت في غرفتها ، ذاب لحمها ، تحولت إلى كومة من جلد و عظام ، تقول لها شقيقتها ، إقبلي بأي عمل – يا أختاه – حتى لو كان مجرد ممرضة ، فذلك أفضل من الفراغ ، فالفراغ قاتل يا أختي ؛ تجيبها غاضبةً : ” انا دكتورة “

و ما زالت حتى اليوم تردد عبارتها التقليدية بعصبية متنامية :     ” أنا دكتورة “

——————

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترباقرأ المزيد

أقصوصة
نزار ب. الزين*

*****

       أبو مروان  و أم مروان يديران معا عملا مشتركا جعلهما يتعرفان على عدد كبير من بني يعرب في المهجر .
و هما تقيان ورعان ، لا تفوتهما فروض الصلاة أو سننها أو حتى أنفالها .
و عند لقاء أصدقائهما ، تعتذر أم مروان بأنها لا تصافح الرجال ، أما أبو مروان فهو أقل تزمتا ، إذ يضع فوق يده منديلا يصافح من ورائه زوجات أصدقائه أو زبائنه من النساء.
و هما يحفظان عددا كبيرا من المحرمات يرددانها حالما تسنح الفرصة ، فمثلا ، التصفير حرام ، لأنه يجلب الشياطين ، و قص الأظافر في الليل حرام ، أما زيارة المريض يوم الأربعاء فحرام ، و التسوق يوم الأربعاء حرام أيضا ، أما التدخين – و كلاهما من المدخنين الشرهين – فليس حراما إذ لم يرد فيه أي نص تحريم ..… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب الزين*

اعتاد  فادي على ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يوميا في حديقة الحي المجاورة لبيته ، و بخلاف الفائدة التي كان يشعر بها ، فقد كان يستمتع  بمصافحة كل شجرة أو شجيرة و عناق كل زهرة أو فراشة ؛ و اكثر ما كان يطربه ، زقزقزة العصافير الدورية و أبي الحناء ، و هديل الحمام و اليمام ، أما الشحارير فكانت المطربة الرئيسية في جوقة الأطيار ، فكان يقلد صفيرها باتقان حتى لتخاله يخاطبها و تخاطبه ، أما العصفور الطنان فكان يوقفه مشدوها ، هذا المعجزة الذي يزيد قليلا عن حجم فراشة و الذي لا يمكن لعين مجردة أن تتابع حركة جناحيه السريعين ، ما أن يشاهد زهرة حتى يتوقف في الفضاء ليمتص رحيقها ، و كأنه امتلك القدرة على مقاومة الجاذبية الأرضية ، فيتوقف فادي عن السير حتى يمضي الطائر مختفيا عن الأنظار بسرعة البرق.… اقرأ المزيد

قصة  واقعية

نزار ب. الزين*

*****

       بيوتنا و شققنا كلها مصنوعة من الخشب ، استنزفنا غابات  العالم الثالث فتسببنا بهجرة ألوف البشر هربا من الفقر .

و لأن  بيوتنا من الخشب  فإننا  نسمع أحيانا ما يدور في شقق جيراننا و خاصة عندما  تعلو الأصوات .

و منذ أن سكنت جارتي الجديدة و هي في العشرينيات من عمرها لا أفتأ أسمع ليلة كل مطلع شهر نحيبها  و صياحها  و صرخات  استغاثاتها  .

تعجبت  لهذا الوضع ، و بسبب أن الناس هنا من أصول و أعراق مختلفة ، فإن التواصل الإجتماعي شبه معدوم ، أقصى ما يمكن أن تقابل به جارك عبارة ( هاي ) و مع ازدياد الود و الإلفة ،  قد تتحول العباره إلى ( هالّوو ) و ليس أكثر من ذلك .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

بقلم : نزار ب. الزين*

 هذه القصة مهداة إلى الجالية العربية في أمريكا

بعد  يوم حافل بالدراسة و نشاط التمثيل المنتسبة إليه ، ودعت          ( ويلما ) ذات الحادية عشر معلمتها و انصرفت مع زميلاتها متجهات  إلى بوابة المدرسة في انتظار ذويهن ، كن ثماني فتيات ، ثم أصبحت لوحدها بعد أن غادرت الواحدة إثر الأخرى ،  و بينما كانت تنتظر قدوم والدها ، كانت تتلهى بروعة التشكيل الغيمي  الذي  ارتسم في عرض السماء و طولها ، بألوان مختلف درجات اللون الأحمر ، في حين تحول قرص الشمس إلى طبق أحمر قانٍ كبير الحجم  كأنه كتلة من اللهب المتراقص على حافة الأفق البعيد.… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

        كنت حتى قبل شهر واحد مضى زوجة سعيدة  فلدى زوجي عمله الخاص الناجح ، و هو مخلص  و محب لأسرته  ، و لديّ منه طفلان أولهما ابنة في التاسعة و الآخر ابن في السابعة  ، و كلاهما متقدم في دراسته ، و لم يعان أي منهما  من أية مشاكل من أي نوع .

و ذات يوم عادت ابنتي و برفقتها طفل يماثلها عمرا ، و بكل براءة عرفتني عليه قائلة أنه صديق و لكن بالتعبير الأمريكي (  BOYFRIEND)

فضحكت ملء شدقي فقد كان الموقف في غاية الطرافة بالنسبة لطفلين ، و في المساء أردت أن أن أضحك زوجي كما ضحكت إلا أنه بدلا من ذلك استشاط غضبا  فنادي الطفلة  ثم  لمفاجأتي الشديدة صفعها و هو يصرخ في وجهها قائلا : ” أحقا ما سمعته  من أن لك صديقا ذكرا ؟ نحن عرب لا نقبل الا بصداقة  البنت للبنت  و الصبي للصبي ، و اذا  علمت ثانية  أنك صادقت ذكرا  ذبحتك ذبح النعاج .… اقرأ المزيد