قصة قصيرة

نزار ب  الزين*

الزمان : الساعة السادسة من مساء الخامس من أيار/مايو عام 2028

المكان : قاعة شتوية في في مقهى و مطعم “الوليد بن عبد الملك” في قمة جبل قاسيون المطل على دمشق .

النوافذ الزجاجية العالية مشرعة عن آخرها و النسمات الرطبة أخذت تتدفق منهية سكون قيظ ثقيل هيمن على القاعة منذ الظهيرة ، رغم ارتفاع المكان .

“أبو الوفا” شاب فارع الطول كث الشاربين ثاقب النظرات ، جم النشاط  ، قلب لتوه إحدى الطاولات  بعد أن نزع غطاءها  ، و أخذ ينقب  فيها  و على فمه لحن “سنرجع يوما” ، بينما كانت ذاته تهمس إلى ذاته : “أجهزة التنصت أصبحت بالغة الدقة  ، من يدري فلعل ما يظنه المرء دبوسا ، إن هو إلا واحد منها ، لا بد من توخي الحذر.”… اقرأ المزيد

قصة

نزار ب. الزين*

بمناسبة مرور ستين سنة على النكبة

       كان الملازم عزت – و هو حامل جهاز اللاسلكي الوحيد الذي يملكه الفوج الستين من جيش الإنقاذ – كان يكتب رسالة إلى والدته ، متخذا من صندوق فارغ للمعلبات طاولة استند عليها ، و بعد أن غلفها و ألصق  حوافها ، كلف أحد الجنود بتسليمها لخيمة البريد ، ثم اشعل لفافة تبغ ، و سرح بعيدا في احتمالات المعركة الوشيكة .

كانت السرايا الثلاث المشكلة للفوج ، متمركزة فوق تل قريب من مستوطنة الزراعة ، التي بدت تحت بصيص النجوم في ليلة صافية الأديم ، بدت كبيرة و قد برز منها بضعة أبراج مراقبة .… اقرأ المزيد

قصة

 نزار ب. الزين*

     كان  فاروق المخللاتي ، يوم عين دركيا ، شابا يافعا ، إضطر إلى تكبير سنه ليكون بوسعه الالتحاق بهذه الوظيفة المغرية . و هو و إن لم يبلغ السابعة عشر إلا أن طوله الفارع و شاربيه الكثين ، كانا يوحيان بأنه تجاوز العشرين ؛ و لإنه حظي بالرجولة المبكرة أو لأن والده من شهداء ميسلون ، أو ربما للسببين معا ، كان أهله و أقاربه بل و زملاؤه ينادونه ( أبو شفيق ) تيمنا بذكرى أبيه .
حتى عندما كان قائده عبد القادر بك يناديه خلال التفقد الصباحي باسمه ، كان يتلكأ بالإجابة ريثما يستوعب أنه المقصود ، و عندما أنّبه القائد ذات مرة ، إعترف أنه كاد ينسى أن اسمه فاروق ، لاعتياده على لقب ( أبو شفيق ) .… اقرأ المزيد

رواية قصيرة

نزار ب. الزين*

      جلس مروان على حافة (  السطيحة ) يتأمل الكتل المتحولة من المياه الطائرة ، تمر من  أمامه و من فوقه و أحيانا – كالأشباح – عبره ، تتقاذفها أرق النسمات و تعبث بأشكالها أضأل المتغيرات الحرارية.
و تتتابع الصور ، فارس يمتطي جوادا ، يتحول الجواد إلى طائرة ، الرمح ينفصل و يتحول إلى  رمانة ( قنبلة يدوية ) ، الخوذة تنفصل و تصبح حوّامة ، مظلة صنوبرة تتخذ صورة دبابة ، خبز الغراب ( الفطر )  يصير صاروخا معدا للإنطلاق  ، تنفجر رأسه ببطء فتتحول إلى قنابل عنقودية ، فم المرأة ذاك مفتوح كأنها تصرخ ، الآن ينفتح فمها أكثر و أكثر ، تتحول كلها إلى فم  يطلب النجدة ، يتمزق الفم  و ينفصل الفكان …
” أساطير آلهة الألمبس أستوحيت حتما من كتل ضبابية مرت أمام عبقري لم يصحُ  تماما من نومه ”  قالها في سره ، ثم أكمل : ” عربة الشمس الفرعونية و تنين الصين ذو الرأسين  ، و خرافات الأشباح و حكايات المارد المنطلق من قمقم معروف الإسكافي  ” استوحيت منها كذلك على ما أرجح ” .… اقرأ المزيد

قصة

نزار ب. الزين*

بمناسبة الذكرى الستين للنكبة 

       ما كادت السرية ( 24 ) من الكتيبة ( 15) من جيش الإنقاذ ، ما كادت تستقر في حي الشيخ جراح في القدس ، حتى شهد منير و هو قائد السرية ، من مكمنه  في أحد  مباني الحي المحصنة  ، رجال الجهاد المقدس  ينقضون على قافلة  صهيونية كانت في طريقها إلى  جبل الزيتون حيث تقع الجامعة العبرية  و مستشفى ( ها داسا ) ، و يفجرون بين عجلات عرباتها  الألغام المصنعة محليا  ، بمهارة فائقة ، أدت إلى تمزيق باصين مصفحين ، بمن فيهما ، مما جعل باقي العربات تنكص على أعقابها .… اقرأ المزيد

رواية قصيرة

 نزار ب. الزين*

ما كاد آخر زبون ينصرف من مكتب الأستاذ حقي الجوابري  ، حتى دخلت (كلير) و على فمها إبتسامة  عريضة ، مزجتها بكل ما تملكه من ود ، و في يدها صينية فضية مستديرة عليها فنجان قهوة و كوب ماء مثلج .
هذه الإبتسامة لطالما  جعلت حقي بك – هكذا يلقبونه – يشعر بالراحة و الإلفة  فيجد نفسه مرغما بالرد عليها  بمثلها أو أعمق ، و ما يزيده احتراما لها ذلك الإخلاص و التفاني بالعمل .
أما وجهها الصغير  و أنفها المدبب الذي تتركز فوق أرنبته نظارة طبية سميكة و جسمها الضئيل قصرا و نحولا فلم تثر فيه أي نزع  من العواطف ما سما منها و ما انحدر ، الأمر الذي عزز نظرته إليها كسكرتيرة و حسب .… اقرأ المزيد

قصة

نزار ب. الزين*

( سيدي عمود في الأصل ، ضريح أحد الأولياء الى جانب أحد الأعمدة الأثرية ، حولته العامة إلى (مقام سيدي عمود) ثم سمي الحي بهذا الاسم (حي سيدي عمود)، وهو ما يطلق عليه اليوم (حي الحريقة) .

(*) ثار السوريون على الحكم الافرنسي منذ لحظة هزيمتهم في ميسلون و قد استطاع الثوار احتلآل أجزاء من مدينة دشق  فكان رد فعل  الافرنسيين قصف المدينة و محاصرة الأحياء التي اشتبهوا بوجود الثوار فيها فكانت مذبحة جميع ضحايا ها  مدنيون

في حارة تم تبليطها بالحجارة حديثا من حي سيدي عمود(*) الواقع بين الدرويشية و البزورية  غربا و  شرقا  و  سوقي  مدحت  باشا  و  الحميدية  جنوبا  و شمالا  في  أول  هذه   الحارة  يقع  بيت أبو  سعيد   الطرابيشي الذي  أقفل  بابه  عن  خمسة  قلوب مفعمة بالشوق و القلق  على بكر الأسرة  الغائب. … اقرأ المزيد

شهد رعنان أفدح كارثة تحل بقومه خلال إحدى أنجح عمليات جيش الإنقاذ العربي ؛  مما خلف في نفسه شعورا بالذنب لوقوفه تجاهها موقف العاجز ، فقد انهمرت القنابل على حي ميشاروم  فزرعت الدمار في أرجائه و دفعت بسكانه إلى الهجرة الجماعية نحو  غربي أورشليم  دون أن يتمكن من إيقافها .

و في إجتماع  ضم قادة الأرغن زفاي لئومي  و الشتيرن ، عرض رعنان فكرة إنتقام تعتق أرشليم من الحصار المفروض عليها و تفرِّغ  المنطقة كلها من الفاسطينيين  .

صاح رعنان في وجه معارضيه :

– يجب أن نستثمر سقوط القسطل ، يجب أن ننتقم لأهالي ميشاروم ،  لدينا أسلحة حديثة و ذخائر بعد أن يسَّر البريطانيون لنا نهبها من مستودعاتهم ، فماذا ننتظر؟

أجابه يهوشَع بهدوء :

– القرية التي تتكلم عنها ساقطة عسكريا ، مكالمة مع المختار ، تجعلهم يهجرونها دون إراقة قطرة دم .… اقرأ المزيد

بقلم : نزار ب. الزين

     التفاعل الكيميائي  يعتمد على تحليل العناصر ، تفتيتها ،أو صهرها ، أو مزجها  و ذلك لإنتاج عنصر جديد .

أما الكيمنسانيا أ ي التفاعل ( الكيميائي – الإنساني ) فهو بدوره تفاعل  يعتمد على التحليل  و التفتيت و الصهر  و المزج ، أما عناصره فهي المجموعات البشرية من الجنسين و من جميع المقاسات البشرية ، و الهدف  هو إرضاخ الآخرين و خلق واقع     جديد يلائم  من  قام  بالعملية .

و هناك تفاعلات كيمنسانية هائلة الحجم و الآثار ، كما حدث في نهاية  الحرب العالمية الثانية عند قصف مدينة درسدن الألمانية بأكثر من ألف طائرة ، بعد أن أوحى الحلفاء للشعب الألماني  المذعور بأنها مدينة آمنة ؛ ثم عند تفجير قنبلتي هيروشيما و ناغازاكي النوويتين اللتان أودتا بالألوف من المدنيين.… اقرأ المزيد

نزار ب. الزين*

           تجمع الجيران في بيت المهندس مروان ، فقد كان مذياعه جديدا ، و صوت المذيع فيه واضحا ، خالٍ من أي تشويش ، كانوا جميعا يتابعون حرب حزيران ، و أناشيد إذاعة صوت العرب الحماسية و على رأسها : ” الله أكبر ..الله و أكبر .. الله أكبر فوق كيد المعتدي ” ،  فتشتعل حماستهم ، مع كل نبأ انتصار جديد .

         بينما كان الأستاذ هاشم قد ثبت على طاولة الوسط في غرفة ضيوف بيته خارطة للوطن العربي ،  يتابع  من  خلالها  مجريات المعركة ، متنقلا من محطة إذاعة إلى أخرى ، إذاعة لندن ، إذاعة الشرق الأوسط  ، و حتى إذاعة تل أبيب ؛

 ثم ..… اقرأ المزيد