قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

 

في ريعان الصبا كانت ، و لكنها شاحبة اللون ،على وجهها مسحة من الجمال الحزين ، و في عينيها أمارات الألم ، و على ثوبها علامات التآكل و القدم .

طرقت بابه طالبة  ما تسد به الرمق ، و لكنها لقيت منه ما لقيت من غيره : ” أنت صبية يا هذه … إبحثي عن عمل بدل التسول ”

ثم أغلق دونها الباب ، و ما أن تحولت خطاه للداخل حتى سمع صوت ارتطام ، هرع  إلى الباب ففتحه ثانية ، فهاله أن رآها طريحة الأرض تلهث لهاث المحتضر .

وقف برهة تجاهها و قد ملكته الحيرة ، و لكن تردده لم يطل ، حملها من تحت إبطيها و جرها نحو الداخل ، رفعها بصعوبة  فوق  وثير ، ثم أخذ يرش وجهها بماء بارد …

فتحت عينيها بصعوبة ..… اقرأ المزيد

قصة

نزار ب. الزين*

 خميس ( و هذا هو إسمه ) شاب في مقتبل العمر ، و لكنه قصير جدا  حتى لقبه رفاقه  بالقزم .

إضطر لترك المدرسة مبكرا و الإتحاق مع مجموعة من الشبان  للعمل داخل الخط الأخضر ، و رغم نشاطه الجم و قوته العضلية فقد ظل موضع سخرية زملائه للسبب نفسه .

في البداية كان يغضب و يصرخ محتجا و يتشاجر و أحيانا يتعارك ، و لكن الآخرين كانوا يمعنون في إيذائه ، فيصفعونه على قفاه تارة ، أو يعرقلون سيره بأرجلهم فيقع أرضا ، كلهم بلا إستثناء ما فتئوا يفعلون ذلك ، فقط لأنه قميء .

فكر كثيرا أن يترك العمل برفقة هؤلاء العدوانيين ‘ ليبحث فيما بعد عن عمل آخر ، و لكن أهله بحاجة لشيكلاته القليلية ، فالوالد مقعد و طريح الفراش لإصابته بالشلل الدماغي منذ أكثر من سنة ، و الوالدة تشكو من آلام (الروماتزم) المضنية و محتاجة إلى ثلاثة أنواع من الدواء غالي الثمن ، و إخوته لا زالوا في المدارس يحتاجون إلى مصاريف  مستمرة ؛ و أمام هذه الحقائق الفجة  ، كان يسكت على مضض و يصبر على مرارة ؛ و لكن حين كان يأوي  إلى فراشه كان  يبكي  بصمت  .… اقرأ المزيد

قصة واقعية

 نزارب. الزين*

       عندما شاهدت  سامر مضرجا بدمه ، كدت أفقد وعيي لهول  ما رأيت ، كان أنفه ممزقا  غطت بقاياه خثرة  مجمدة بغير إنتظام  أخفت أيضا جزءا من عينه اليسرى الجاحظة بخواء ، بينما تجمدت عينه اليمنى  في نصف إغماضة  و كذلك بقي فمه نصف مفتوح  بعد أن تسربت من طرفه نصف دمائه  قبل أن تتخثر . ذلك كان باديا من الفراش و الأغطية المشبعة بالسائل القاتم و الذي تسرب أيضا تحت السرير  مشكلا بقعة كبيرة دالة على نزف طال . لن أستطيع إكمال الوصف  فالمشهد مفجع مرعب ، صورة مشوهة  لسامر  ، الفتى  الذكي المعافى  الذي كان يضج بالحيوية و النشاط ، ذلك الفتى الذي عرفته رضيعا و حابيا ، ثم  فتيا قاب قوسين أو أدنى من النضوج .… اقرأ المزيد

قصة واقعية

نزار ب. الزين*

 أخيرا بلغت حضنك الدافئ يا أمي ، بعد مغامرة طولها عشرون يوما بلياليها  ، أتدرين يا أمي منذ أن ابتعدت عني ، لم تمضِ ليلة واحدة  دون أن أحلم بك حلمان ، حلم اليقظة و حلم المنام ..

كنت أقضي الساعات و أنا أخترع و أخطط و أبتكر ..وسائلا للوصول إليك …

اخترعت مصعدا يصلني بالقمر لو كنتِ فوقه ، و ابتكرت غواصة تقلني إليك لو كنت تقطنين أعماق البحار ، و  خططت لتسخير النسور لتحملني إليك حتى لو كنتِ في مشارق الأرض أو مغاربها…

فكرت كثيرا ..حلمت كثيرا .. اخترعت و ابتكرت  و خططت… قاسيت و كابدت ….بكيت… اقرأ المزيد

قصة واقعية

 نزار ب. الزين*

    راشد و مبارك صديقان حميمان منذ أيام الدراسة ، ثم أصبحا – بعد التخرج – شريكين في عمل تجاري مربح ، ثم تزوجا في الوقت ذاته تقريبا ، وسكنا في دارتين متقاربتين ، ثم ما لبثت أن أصبحت زوجتاهما صديقتين حميمتين أيضا ، ثم انتقلت الصداقة إلى الأبناء ..
فقد أنجب راشد غلاما ذكرا أسماه عبد الله و من بعده إبنتين .
و بعد سنة أو تزيد ، أنجب مبارك بنتا أسماها دلال و من بعدها غلامين .
و منذ أن كان عبد الله في التاسعة و أمه تقول : ” دلال لعبد الله و عبد الله لدلال ”
و منذ أن كانت دلال في السابعة و أمها تقول : ” دلال لعبد الله و عبد الله لدلال ”
بدأتا العبارة كمزاح ، أو كتندر على عادات بدوية قديمة …
و لكن ….… اقرأ المزيد

قصة قصيرة واقعية

نزار ب. الزين*

(( ينساق الإنسان أحيانا ، دون شعور منه ؛ إلى ما يأباه ))

 

نشأ زياد في عائلة معروفة ، أنجبت عددا من التجار متوسطي الثقافة و عددا آخر من المثقفين اللامعين ؛ فكان لإسم هذه العائلة وزنه بين العائلات التقليدية في بلدته. عائلة محافظة بغير إنطواء ، و متدينة بغير تزمت  ، و حرة بغير تفريط ، إضافة إلى سلوكية مثالية تتلاءم مع الجانب المشرق للإنسان العربي الساعي نحو النمو في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية .

و شأن زياد شأن اؤلئك المنحدرين من الطبقة المتوسطة  ، فإن دواعي طموحه ما كانت لتفتر ، حتى إذا حانت له فرصة جيدة للعمل في إحدى الدول النفطية الناهضة ، تحرك  نحوها بلا إبطاء .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

            كانوا  ثلاثة ، سامي و زكي و صفوان ، تزاملوا في المرحلة الثانوية منذ بدايتها و استمروا معًا ، نفس المستوى الدراسي ، نفس الميول و المواهب ، نفس الإتجاهات مع فارق بسيط  في المستويين الاقتصادي و الاجتماعي اللذان لم  يؤثرا  قط  على  علاقتهم الحميمة .
اذا زار زكي أو صفوان أو كليهما معا  سامي في داره ، يستقبلهما والده بكل ود و احترام .
و اذا زار سامي صديقه زكي لوحده أو بصحبة صفوان فإن السيدة أم زكي تستقبله أو تستقبلهما بالترحاب و كأنهما ولداها ، و تحتار كيف تكرمهما .
أما شقيقة صفوان الكبرى و التي أصبحت في مقام والدته بعد أن رحلت والدته إلى العالم الآخر ثم تبعها والده بعد أشهر ؛ فكانت تشاركهما الحديث و النقاش و لكن خلف باب نصف مغلق .… اقرأ المزيد

قصة واقعية

نزار ب .الزين*

       عماد ، معلم في مدرسة إبتدائية في إحدى مدن النفط في مكان ما من الخليج  العربي .

كمعلم كان أداؤه متوسطا ، أما كإنسان فكان أداؤه الإجتماعي جيدا ، و باعتباره أعزب ، استطاع أن يكوّن صداقات مع زملائه ، فقد  كان يحسن الترحيب بهم لدى زيارتهم له في سكنة العزّاب ، و يؤنس جلساءه بأحاديثه الطلية ، و يدعوهم غالبا إلى لعب  الورق  ( الكوتشينة ) حيث كان أداؤه  ممتازا ، و كان من ضيوفه الكثر مدير مدرسته ، يحضر للمشاركة في اللعب مرة في الأسبوع على الأقل .

*****

عاد عماد بعد قضائه إجازة ذات صيف في مسقط رأسه ، و اتجه فورا إلى مديرية الإسكان طالبا سكن عائلي ، فقد تزوج عماد ، و سوف تحضر  عروسه حال توفر السكن .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

        كنت حتى قبل شهر واحد مضى زوجة سعيدة  فلدى زوجي عمله الخاص الناجح ، و هو مخلص  و محب لأسرته  ، و لديّ منه طفلان أولهما ابنة في التاسعة و الآخر ابن في السابعة  ، و كلاهما متقدم في دراسته ، و لم يعان أي منهما  من أية مشاكل من أي نوع .

و ذات يوم عادت ابنتي و برفقتها طفل يماثلها عمرا ، و بكل براءة عرفتني عليه قائلة أنه صديق و لكن بالتعبير الأمريكي (  BOYFRIEND)

فضحكت ملء شدقي فقد كان الموقف في غاية الطرافة بالنسبة لطفلين ، و في المساء أردت أن أن أضحك زوجي كما ضحكت إلا أنه بدلا من ذلك استشاط غضبا  فنادي الطفلة  ثم  لمفاجأتي الشديدة صفعها و هو يصرخ في وجهها قائلا : ” أحقا ما سمعته  من أن لك صديقا ذكرا ؟ نحن عرب لا نقبل الا بصداقة  البنت للبنت  و الصبي للصبي ، و اذا  علمت ثانية  أنك صادقت ذكرا  ذبحتك ذبح النعاج .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

بعد الإنصراف من المدرسة ، توجهوا إلى دورهم  مسرعين ، ألقوا بكتبهم كيفما اتفق ، نزعوا عنهم ثياب المدرسة الموحدة و ألقوها- أيضا – كيفما اتفق ،  تناولوا  طعامهم على عجل  ، ارتدوا دشاديشهم (ملابسهم الشعبية) بلمح البصر، و بلمح البصر توجهوا إلى ساحة الحي ، فالمباراة  لهذا  اليوم  ستكون  حامية  الوطيس ، فسيمو  و شيمو سوف  يتصارعان  حتى الموت …..

يتحلق الأطفال في دائرة …

حمود يمسك برباط  سيمو ، و عمر يمسك برباط شيمو …

ما  أن  يلمح  أحدهما  الآخر  حتى  يكشران  عن  أنيابهما ، ثم  يصدران  همهمات  تهديدية ، ثم  ينبحان غاضبين !… اقرأ المزيد