قصة

نزار ب. الزين*

            كان سعيد بطبعه أبعد ما يكون عن العواطف المشحونة بالخيال ، إنه عملي و عملي جدا ؛ فجفاف تنشئته و افتقار مناخ أسرته إلى الدفء بوفاة والدته المبكر ، جعلاه واقعيا و أقرب ما يكون إلى ما يتخيله كناب قصص الخيال العلمي عن الإنسان
( البيوني ) أي الإنسان نصف الآلي .
و جاء سفره إلى أوربا لإتمام دراساته العليا ، جاء معمقا لخطوط الصورة ؛ فهناك كل شيء واقعي جدا ، و الرومنسية التي نشأت هناك دفنوها مع ملايينهم الأربعين التي التهمتها حرب السنوات الست العالمية .
و تمتع سعيد بواقعية أوربا ، إلا أنه كان من الذكاء بحيث استثمر كافة جوانبها بما في ذلك الجدية وقت الجد و النظام حيثما يتوجب النظام ، و التخطيط البعيد حتى في الأمور العاطفية التي نظر إليها – مثلهم – كحاجة بيولوجية حتى أنه لم يسمح لنفسه أن بستقر في علاقة ما أكثر من أيام أو أشهر خشية التعلق أو الإرتباط ، فلما عاد إلى البلاد عاد خاليا من أية مسؤوليات عاطفية و لكن بذكريات عذبة تكفي لملء أوقات فراغه حتى آخر العمر .… اقرأ المزيد

 قصة

نزار ب. الزين*

      كانوا جيرانا ، يحيّون بعضهم بعضا عن بعد ، ثم يمضي كل إلى  سبيله ..كانوا جميعا يسكنون في منزل واحد ذي ساحة كبيرة ، تلتف حولها غرف الساكنين ، لكل أسرة من الأسر الأربع غرفة واحدة ، فلم يكن في ذلك البلد حديث النهضة ، مساكن تكفي هذا الفيضان الدافق من العمالة العربية و غير العربية ..كان في المنزل  حمّام واحد يحتوي على مرحاض واحد ، ففي الصباحات الباكرة ، و قبيل توجههم إلى أعمالهم ، كانوا يصطفون في طابور لقضاء حاجاتهم البيولوجية ، أما النساء فكن أقدر على ضبط أنفسهن ريثما يتحرك رجالهن إلى أعمالهم ، ثم يبدأ طابورهن ، ليتكرر المشهد المضحك المبكي ..و

اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين *

               تعرف عليها في بلد خليجي ، تزوجها ، ثم  صحبها  معه  إلى بلده ،  كانت تعمل كسكرتيرة في إحدى الشركات الكبرى ، و كان يعمل  مراسلا في نفس الشركة ، كانت متفوقة عليه علميا  فهي تحمل شهادة جامعية ، أما   هو فلم يتعد المرحلة المتوسطة  ، و لكنه يحمل في الوقت نفسه ذكاء متقدا و على الأخص ذكاء إجتماعيا ، جعله محل ثقة  رؤسائه في الشركة و ثقة كل من تعامل معه من المسؤولين  باسم الشركة .

عاد إلى بلده يحمل هذه الخبرات  إضافة إلى مبلغ جيد  من المال تمكن من توظيفهما في الحال  بافتتاح مقهى ناجحا وسط مدينته السياحية الصغيرة ، سرعانما جذب إليه  كبار موظفي المدينة بدءا من رئيس المخفر إلى قاضيها إلى معلميها و حتى أصغر شرطي  فيها .

اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

       راشد أفندي هو سكرتير المحامي الأستاذ عبد الباقي الحموي و فيما عدا ساعي المكتب السِد حامد ، فهو موظفه الرئيسي ، مدير المكتب للشؤون الإدارية و المالية الصالح لجميع المهام بما فيها تسجيل الدعاوى و متابعاتها الإجرائية و تنظيم مقابلات الزبائن و حتى المشاركة في مساومتهم حول الأتعاب .
و في غياب الأستاذ في المحاكم لأداء مرافعاته ، فإن راشد أفندي  يقوم عن جدارة بمقابلة الزبائن و مناقشتهم حول دعاواهم و ما تم في شأنها .
تعرَّف على سليم أفندي …
و سليم أفندي هذا  ( عرضحالجي ) أي كاتب عرائض ،  يتخذ من الشارع مكتبه ، طاولة صغيرة يمكن طيها ، و كرسيين من القش ، و بضعة أوراق على كل منها الطابع المالي المناسب ، يجلس على الرصيف المجاور( لدائرة النفوس) أي دائرة الأحوال الشخصية ، حيث يكتب للأميين عرائضهم و شكاواهم ، و إضافة إلى ذلك فإنه يبيع الطوابع المالية ، و استمارات الطلبات لمن يستطيع الكتابة .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

  بينما  كان  العروسان يدخلان إلى غرفتهما في بيت عائلة العريس الكبير ، كانت بعض  النساء من العائلتين يتوجهن إلى غرفة مجاورة ، أما الرجال المقربون من الطرفين ، فقد جلسوا في صالة الضيوف ..

و رغم ظهور التعب على كبار السن منهم ، و النعاس على أكثرهم ، فقد جلسوا يتسامرون ، للتغلب على بطء الزمن … 

كانوا جميعا متلهفين لسماع النبا السعيد …

و لكن ..

و على حين غرة سمعوا صياحا و عويلا آت من هناك..

صعقوا جميعا …

اقتربت الوالدتان  من الباب أكثر….

اقتربت بعض النسوة و بعض الرجال ، و قد أصابهم الذهول …

هل أصاب أحدهما  مكروه ؟؟

أخذوا يتساءلون … متهامسين ..!

اقرأ المزيد

قصة  واقعية

 نزار ب. الزين*

طبيب ؟! ياله من عريس ( لقطة )!! …

قامت الأفراح ، و امتدت الليالي الملاح

كان في غاية اللطف في الليلة الأولى

و كان معقولا في أسبوع العسل

ثم …

 ابتدأ يكشر عن أنيابه

” لِمَ  خصَّيت زوج شقيقتك بمعظم حديثك ؟ هل كان بينكما شيء ما ؟ “

نظرت إليه بذهول و سألته :

–    هل تمزح ؟  إنه شقيق و ليس  مجرد صهر ! 

تزوجت شقيقتي قبلي بعدة سنوات ، فنشأت بيننا جميعا في الأسرة  و بينه صداقة حميمة ، و اعتبرناه كلنا واحدا من العائلة ، يشاركنا أفراحنا  و همومنا  و يرشدنا بآرائه الحصيفة ، لا تنسَ أنه يحمل ماجستير بعلم الإجتماع  ، إنه أخ لنا بكل معنى الكلمة ، كان و لا يزال !اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

    يرتجف رعبا (( انتهيت يا كريم ))
ترتعش هلعا (( انتهيت يا ندى )) يداها لا تطاوعان … يداه تتخاذلان
تجر نفسها الى المرحاض ، تغلقه ، عزمها المتحلل و قوتها المتلاشية ، تجمعهما معا لتقفل بابه بالمفتاح … ثم تنهار .
يسوي الفراش ، يداه لا تقويان على الارتفاع لكي يسوّي شعره المشعث .
القصف على الباب يتواصل و يتسارع .

الباب ينسف الآن بركلة متمرسة ، قطعة منه حطت فوق احدى قدميه لتسبب أولى الجراح .
يدخل أحدهم بثياب مدنية و يسأل :
– أين هي يا كلب ؟
يبلل الفراش .. يزداد تشبثا بالفراش ؛ تنهال اللكمة الأولى على أنفه و فمه معا ، ينفر الدم و معه سِنّان ، تتضخم الشفة العليا الى ضعفين ثم أربعة أضعاف .

اقرأ المزيد

قصة

نزار ب. الزين*

     كانوا جيرانا ، يحيّون بعضهم بعضا عن بعد ، ثم يمضي كل إلى  سبيله ..

كانوا جميعا يسكنون في منزل واحد ذي ساحة كبيرة ، تلتف حولها غرف الساكنين ، لكل أسرة من الأسر الأربع غرفة واحدة ، فلم يكن في ذلك البلد حديث النهضة ، مساكن تكفي هذا الفيضان الدافق من العمالة العربية و غير العربية ..

كان في المنزل  حمّام واحد يحتوي على مرحاض واحد ، ففي الصباحات الباكرة ، و قبيل توجههم إلى أعمالهم ، كانوا يصطفون في طابور لقضاء حاجاتهم البيولوجية ، أما النساء فكن أقدر على ضبط أنفسهن ريثما يتحرك رجالهن إلى أعمالهم ، ثم يبدأ طابورهن ، ليتكرر المشهد المضحك المبكي ..اقرأ المزيد

قصة واقعية

نزار ب. الزين*

   حدثني صديقي جمال فقال :

 هل تتصور أن إنسانا ما يمكن أن تتحول عقائده من أقصى التطرف الديني إلى اقصى التطرف العلماني ؟

أي من النقيض إلى النقيض …

أو كما يقول العامة من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ؟

هذا ما حصل بالضبط بيني و بين صديقي السابق رضوان .

   زاملته منذ بداية حياتنا الدراسية ثم ما لبثت زمالتنا أن تحولت الى صداقة حميمة ، فعلى الرغم من اختلاف مستوياتنا الاقتصادية و الاجتماعية فقد استمرت صداقتنا و بتشجيع من أهلينا ، كنت أزوره في المناسبات و الأعياد فتستقبلني أمه الأرملة و جدته العجوز بآيات الترحيب و التكريم و اذا ما زارنا فان والديّ ما كانا أقل ترحيبا به و تكريما له .

اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 بقلم نزار ب .الزين*

        دخل الدكتور رجائي إلى مكتب الدكتور فؤاد و بعد أن تبادلا التحية الحارة ، طلب منه الجلوس ثم بادره بالحديث موضحا سبب إستدعائه :
– لديّ مريضة بحاجة إليك أكثر مني ، فكما تعلم أنا طبيب أمراض عصبية ، فبعد إجراء الفحوصات اللازمة تأكد لي أنها لا تعاني من علة عقلية إنما تشكو من إضطراب نفسي حاد ، لقد حاولت الإنتحار ثلاث مرات ، آخرها هنا في المستشفى ، و هي ترفض أن تنطق بحرف واحد ، و حتى الطعام لا تتناول منه إلا القليل و تحت الضغط و قد رفضته بداية فاضطررنا إلى تغذيتها بالسوائل – مرغمة – عن طريق الوريد .
اقرأ المزيد