قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

          إعتاد سامي بك منذ قدومه إلى مصيف (جل الغزال) أن يتوجه عصر كل يوم إلى مقهى ( الغابة المسحورة ) مشيا على الأقدام ، يتبعه عن بعد سائقه بسيارته الأمريكية الفارهة ، يمكث هناك ساعة أو بضع ساعة ، يتناول خلالها كوبا أو كوبين من عصير (جلاب*) ، ثم يقفل عائدا بسيارته  إلى الدارة التي استأجرها لقضاء الصيف .

لفت سامي بك  أنظار أصحاب المقهى أولا، ثم أهل الضيعة جميعا ، بكثرة أسئلته ، فما أن يقترب منه طفل أو طفلة أو شاب أو شابة ، حتى يناديه أو يناديها ثم يبادر إلى السؤال :  << من فضلك …ما هو اسمك  ، و ما اسم والديك ، و ما اسم عائلتهما ، و ما اسم جدتك و اسم جدك ؟؟ >> و لكن أحدا لم يجرؤ على استفساره  عن هدفه من وراء طرح كل هذه الأسئلة !… اقرأ المزيد

قصة قصيرة واقعية

 نزار ب. الزين*

        أنا على وشك الولادة يا أمي و قد أكد لي الطبيب أنني أحمل ذكرا ، لك أن تتصوري وقع الخبر على زوجي ، كاد يرقص فرحا ،

 و لكن …

ثمت مشكلة تواجهنا يا أمي ، إجازة الوضع هنا خمس و أربعون يوما فقط ، فمن سيعتني بالرضيع بعد انتهائها ؟

لا توجد بالقرب منا دار حضانة .

و ناظرة المدرسة رفضت – قطعا و بتا – أن أصحب الرضيع إلى المدرسة فأضعه برعاية إحدى العاملات ،

 كنا ثلاث حوامل ظروفنا متشابهة ؛

 رفضت رجاءنا و توسلنا بكل جفاء و غطرسة و استكبار!

اقترحت على زوجي أن أستقيل ، و لكنه رفض – قطعا و بتا – قال لي في معرض تبريره :

– ” إنها فرصة العمر  لن نضيعها مهما كانت النتائج !… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

       ضاقت رويدة خانم ذرعا بالعزلة التي تعيشها و أفصحت لزوجها مرارا عن مر شكواها فكان كل مرة يتذرع بالأطفال << لقد أنجبت خمسة أطفال خلال عشر سنوات ، فالذنب ذنبك ! >> إعتاد أن يقولها مازحا ، فتجيبه مازحة : << و هل أتيت بهم من بيت أبي ؟ >> و لكنه فاجأها ذات يوم بقرب إيجاد حل للمشكلة ، فقد وعده أحد زبائنه أن يؤمن له خادمة فتية يمكن الاتكال عليها في كافة شؤون البيت بما فيها المساعدة على رعاية الأطفال .

كانت فرحتها لا توصف عندما دخلت بشيرة الدار ، هي في الثامنة عشر من عمرها ،  بدت في غاية التهذيب عندما خاطبت ( الست ) مجيبة على أسئلتها الكثيرة ، ثم باشرت في الحال تنفيذ كل ما تؤمر به .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

كانت عطلة الصيف المدرسية ، و كان زهير يقضي معظم وقته  مستلقيا أو نائما ، يقرأ أحيانا مقاطع من صحيفة اليوم ثم يلقي بها ضَجِرا ، أو يلهو قليلا بالعزف على ( الهارمونيكا ) ثم يرميها مللاً  ، و لا يدب النشاط في أوصاله إلا عندما تنادي رقية ابنة الجيران إحدى شقيقاته ، فإذا اطمأنت أنها موجودة ، تقفز فوق السور الفاصل  بين  المنزلين  لتلقاها ، ثم  تتجها  معا  إلى  غرفتها  كي  تتسامرا .

عندما كان يسمع صوتها ، كان يهب واقفا ، و يهرع إلى نافذة مطلة ، كان قد جهزها بحيث يرى منها و لا يُرى ، فيراقبها  و هي تتسلق السور ثم تنقلب فوقه نحو حديقة منزله ، عندئذ  يتحول قلبه إلى طبل إفريقي يقرع معلنا النفير ، و تصبح عيناه كعيني صقر يبحث عن طريدة  ؛ ثم  يعود إلى غرفته ليستعيد صورة ما رآه و هو في أشد حالات الإنفعال و الهياج ، ثم يظل متربصا إلى حين عودتها إلى بيتها ، ليهرع من جديد إلى تلك النافذة .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

      يقوم البناء المادي على ثلاثة ابعاد الطول و العرض و العمق

و يقوم مجرى التاريخ على أربعة أبعاد الطول و العرض و العمق و الزمن

و يقوم مجرى الحياة البشرية على خمسة أبعاد الطول و العرض و العمق  و الزمن و الحب .

و يقوم مجرى الحياة  السياسية البشرية على ستة أبعاد الطول و العرض و العمق و الزمن و الحب  أما البعد السادس ….؟!!!!!!

 

*****

 

يحكى أن زعيما  وقف في وجه العنصرية و رموزها

و فرض الدمج العنصري بقوة القانون

و كافح من أجل ذلك حتى انتصر

نصرٌ لم تتقبله فئة اعتادت استعباد الناس و  اضطهاد الناس و  استغلال الناس …

و لكن خوفا من غضب التاريخ و الناس …

حبكوا له في الظلام ، ثم قضوا عليه …

و تركوا الناس بحيرة بين الشك و اليقين !… اقرأ المزيد

صة قصيرة

 نزار ب. الزين *

  أحاطوا  به  و بدؤوا يتفنون  بايذائه

و هو يصرخ  مستنجدا

دون أن يجرؤ أحد على نجدته

و من هوّة اليأس إنبثقت ومضة شجاعة

دفع أحدهم فأوقعه أرضا

ثم  قفز من فوقه مطلقا قدميه تسابق الريح

و اندفع رأسا نحو مكتب الأخصائي الإجتماعي

 

 

*****

 

استغرق دقائق حتى تمكن من التقاط أنفاسه قبل أن يتكلم

فخرجت كلماته متلجلجة من فم مرتعش :

– يا أستاذ

جماعة  طلال يبغون ذبحي ؟!

أرجوك أريد أن أتصل بوالدي …

ثم  استغرق الأمر دقائق أخرى إلى تمكن الأستاذ علاء من تهدئته ، و الاستماع من ثم إلى قصته .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

بقلم : نزار ب. الزين *

صحا أبو محمود في ساعة متأخرة من الصباح ، شعر بألم

 يعم جميع مفاصله  ، و خاصة ألم الظهر ،

 وطأة ألم الظهر تتفاقم يوما بعد يوم و خاصة منذ أن حل الشتاء ، همس لذاته ثم..

 تمطى

 تثاءب

ثم تثاءب أيضا

 ثم توجه إلى  دورة المياه ، فقضى حاجته ثم توضأ

المياه الباردة تلسعه ، و لكنه يستمر

عاد الآن قرب المحراب فصلّى صلاة الضحا

ثم جرَّ نفسه  نحو مدخل المسجد

فجلس هناك ، و هو يبسمل و يحوقل

ضبط وضع عباءته التي قدمها له أبو تحسين

ثم أخذ يتابع الرائحين و الغادين

و يرد السلام على كل منهم

” و عليكم السلام أخي أبو تيسير و رحمة الله و بركاته “

” و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخي أبو سليمان “

تتقدم منه ، فتاة صغيرة ، فتقدم له صرة :

–        صباح  الخير عمو  أبو  محمود ، والدتي  تسلم  عليك  و تقول  لك : ” مأكول الهنا “

يجيبها بعين دامعة :

–       – ( الله يرضا عليك يا بنتي ) أنت  إبنة أبو شفيق أليس كذلك  ؟ يسألها مبتسما ؛ فتجيبه :

–      –  نعم عمّو أنا  روحية بنت أبو شفيق ، و والدتي تقول لك ، إذا كنت بحاجة لأي شيء آخر اؤمر .… اقرأ المزيد

     في  مقهى  اعتاد على  ارتياده  الزميلان  الأستاذ  علي – و هو  مدرس  في  “ثانوية  سعد” –  و الأستاذ  محمود ، المشرف  الاجتماعي  في  نفس  المدرسة ، و في  حديث  دار  بينهما  حول  المثل  المعروف : “أنصر  أخاك  ظالما  أو  مظلوما ” قال  الأستاذ  محمود  لزميله  :  << ليس  المقصود  بكلمة  “أخاك”  في  المثل  معناها  الحرفي ، بل  وسَّعها  بنو  يعرب  ليشمل  أبناء  القبيلة  الواحدة  في  البادية ،  أو  العائلة   الواحدة  في  المجتمعات  الزراعية  فيما  بعد ؛  و عندما  انتقلوا  من  حياة  البداوة  أو  الفلاحة  إلى  الحياة  المدنية ، زادوا  في  توسيعها  لتشمل  أبناء  المدينة  الواحدة ، أو  الوطن  الواحد ، مقابل  الغرباء  عن  أي  منهما ، فتطور المثل  إلى : << أنا  و أخي  على  ابن  عمي  و أنا  و ابن  عمي  على  الغريب >> .… اقرأ المزيد

أقصوصة : نزار ب الزين

     بعد رحلة شاقة استغرقت يومين و ليلة ، اجتازت خلالها الأسرة مئات الكيلومترات من الصحارى القاحلة ، من أجل قضاء إجازة الصيف بين الأهل ، بلغت مبنى حدود الوطن و قد غمرت الفرحة كافةأفرادها .

تمت مراجعة جوازات السفر و ختمها بيسر ، ثم تحركت الأسرة نحو العاصمة التي لم يبقِ لبلوغها سوى مائتي كيلومتر ، إلا أن حاجزا عسكريا غير متوقع أوقفهم بعيد مغادرتهم المركز ، و طالبهم  ضابط  المركز    بالاطلاع على جوازات سفرهم ؛ ثم وجه كلامه لرب الأسرة قائلا :

-ابنك بلغ الثامنة عشرة فهو مطلوب للتجنيد الإلزامي !

= أعلم ذلك يا سيدي الضابط ، ما أن استريح من  وعثاء  السفر  بعد رحلتنا الشاقة هذه  ، حتى أبادر إلى إجراء المعاملة اللازمة  فهو معفى قانونا ، باعتباره الذكر الوحيد في الأسرة ، أي وحيد أمه..… اقرأ المزيد

أقصوصة : نزار ب. الزين

      لم  يرضَ أن تسافر ابنته لوحدها بعد إصابة قدمها ، و لم يتمكن من إبقائها في ضيافته حتى تشفى ، فقد الح عليها زوجها – هاتفيا – بضرورة العودة عاجلا .

ما أن أطلت من الباب ، حتى هرع طفلاها لاستقبالها مهللين فرحين ،

و قبل أن ترحب بها و بوالدها سألتها حماتها باستياء عن سبب ضماد قدمها بجبيرة الجص ،

و قبل  أن  يرحب  بها  و بوالدها  تساءل  زوجها  و قد  قطب  جبينه  عن  سبب  هذه  الجبيرة  ؟!!!

و إذ عرف السبب ، صاح دون أن يتمكن من ضبط أعصابه :

– << هذا دلع غير مقبول ، فلم تعد والدتي تحتمل المزيد من التعب …>>

 التفت والدها نحوها مقترحا :

– ” أرى أن تعودي معي في الحال “..… اقرأ المزيد