قصة قصيرة

بقلم : نزار ب. الزين *

صحا أبو محمود في ساعة متأخرة من الصباح ، شعر بألم

 يعم جميع مفاصله  ، و خاصة ألم الظهر ،

 وطأة ألم الظهر تتفاقم يوما بعد يوم و خاصة منذ أن حل الشتاء ، همس لذاته ثم..

 تمطى

 تثاءب

ثم تثاءب أيضا

 ثم توجه إلى  دورة المياه ، فقضى حاجته ثم توضأ

المياه الباردة تلسعه ، و لكنه يستمر

عاد الآن قرب المحراب فصلّى صلاة الضحا

ثم جرَّ نفسه  نحو مدخل المسجد

فجلس هناك ، و هو يبسمل و يحوقل

ضبط وضع عباءته التي قدمها له أبو تحسين

ثم أخذ يتابع الرائحين و الغادين

و يرد السلام على كل منهم

” و عليكم السلام أخي أبو تيسير و رحمة الله و بركاته “

” و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخي أبو سليمان “

تتقدم منه ، فتاة صغيرة ، فتقدم له صرة :

–        صباح  الخير عمو  أبو  محمود ، والدتي  تسلم  عليك  و تقول  لك : ” مأكول الهنا “

يجيبها بعين دامعة :

–       – ( الله يرضا عليك يا بنتي ) أنت  إبنة أبو شفيق أليس كذلك  ؟ يسألها مبتسما ؛ فتجيبه :

–      –  نعم عمّو أنا  روحية بنت أبو شفيق ، و والدتي تقول لك ، إذا كنت بحاجة لأي شيء آخر اؤمر .… اقرأ المزيد

     في  مقهى  اعتاد على  ارتياده  الزميلان  الأستاذ  علي – و هو  مدرس  في  “ثانوية  سعد” –  و الأستاذ  محمود ، المشرف  الاجتماعي  في  نفس  المدرسة ، و في  حديث  دار  بينهما  حول  المثل  المعروف : “أنصر  أخاك  ظالما  أو  مظلوما ” قال  الأستاذ  محمود  لزميله  :  << ليس  المقصود  بكلمة  “أخاك”  في  المثل  معناها  الحرفي ، بل  وسَّعها  بنو  يعرب  ليشمل  أبناء  القبيلة  الواحدة  في  البادية ،  أو  العائلة   الواحدة  في  المجتمعات  الزراعية  فيما  بعد ؛  و عندما  انتقلوا  من  حياة  البداوة  أو  الفلاحة  إلى  الحياة  المدنية ، زادوا  في  توسيعها  لتشمل  أبناء  المدينة  الواحدة ، أو  الوطن  الواحد ، مقابل  الغرباء  عن  أي  منهما ، فتطور المثل  إلى : << أنا  و أخي  على  ابن  عمي  و أنا  و ابن  عمي  على  الغريب >> .… اقرأ المزيد

أقصوصة : نزار ب الزين

     بعد رحلة شاقة استغرقت يومين و ليلة ، اجتازت خلالها الأسرة مئات الكيلومترات من الصحارى القاحلة ، من أجل قضاء إجازة الصيف بين الأهل ، بلغت مبنى حدود الوطن و قد غمرت الفرحة كافةأفرادها .

تمت مراجعة جوازات السفر و ختمها بيسر ، ثم تحركت الأسرة نحو العاصمة التي لم يبقِ لبلوغها سوى مائتي كيلومتر ، إلا أن حاجزا عسكريا غير متوقع أوقفهم بعيد مغادرتهم المركز ، و طالبهم  ضابط  المركز    بالاطلاع على جوازات سفرهم ؛ ثم وجه كلامه لرب الأسرة قائلا :

-ابنك بلغ الثامنة عشرة فهو مطلوب للتجنيد الإلزامي !

= أعلم ذلك يا سيدي الضابط ، ما أن استريح من  وعثاء  السفر  بعد رحلتنا الشاقة هذه  ، حتى أبادر إلى إجراء المعاملة اللازمة  فهو معفى قانونا ، باعتباره الذكر الوحيد في الأسرة ، أي وحيد أمه..… اقرأ المزيد

أقصوصة : نزار ب. الزين

      لم  يرضَ أن تسافر ابنته لوحدها بعد إصابة قدمها ، و لم يتمكن من إبقائها في ضيافته حتى تشفى ، فقد الح عليها زوجها – هاتفيا – بضرورة العودة عاجلا .

ما أن أطلت من الباب ، حتى هرع طفلاها لاستقبالها مهللين فرحين ،

و قبل أن ترحب بها و بوالدها سألتها حماتها باستياء عن سبب ضماد قدمها بجبيرة الجص ،

و قبل  أن  يرحب  بها  و بوالدها  تساءل  زوجها  و قد  قطب  جبينه  عن  سبب  هذه  الجبيرة  ؟!!!

و إذ عرف السبب ، صاح دون أن يتمكن من ضبط أعصابه :

– << هذا دلع غير مقبول ، فلم تعد والدتي تحتمل المزيد من التعب …>>

 التفت والدها نحوها مقترحا :

– ” أرى أن تعودي معي في الحال “..… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب. الزين*

      بينما كانت العائلة متوجهة لزيارة الأهل في بلد مجاور ، تعرضت لحادث سيارة كانت ضحيته الوحيدة أم العيال .

كانت أم سالم – رحمها الله – لا تحب التقيد بحزام المقعد ، بينما التزم به  زوجها و أطفالها ،  فنجوا .

عادوا من حيث أتوا  ثكالى محزونين .

واساهم الأهل و الجيران ، إلا جارتهم العانس سعاد ، فقد أبت إلا أن تغمرهم بعطفها متطوعة لخدمتهم ، فما أن يغادر أبو سالم الدار إلى عمله ، حتى تهرع إليهم ، تجهز لهم طعام الإفطار و تعاونهم في ارتداء ملابس المدرسة ، ثم تودعهم لتلتفت إلى شؤون المنزل و كأنه منزل أبويها ..… اقرأ المزيد

قصة

 نزار ب.الزين*

 – اكتملت التأشيرات و يمكننا السفر اعتبارا من صباح الغد !

  لم تكن أم الوليد سعيدة بما سمعت ، و لكنها لم تتفوه بكلمة ،

كانت تشعر لحظتئذ ببعض الكآبة ، فالرجل مريض و نوبات الربو أخذت تتقارب أكثر فأكثر في الأشهر الأخيرة  و نصحه الطبيب بوجوب الإستراحة كلما تسنى له ذلك ، فأين ستكون الراحة في سفر يمخر عباب الصحراء من شرقها إلى غربها؟ .

كانت أم الوليد تحدث نفسها سرا عندما تنبه إلى سرحانها  فقال لها مطمئنا :

– لا تقلقي يا امرأة ، سنجزئ الرحلة إلى مراحل ، فالطريق مخدوم و الاستراحات  تملؤه .

 

كانت الرحلة ميسرة بداية و لكن على حين غرة هبت رياح  شمالية عاتية ، ، كانت تحمل كثبان الرمال عاليا ثم تلقيها مبعثرة فوقهم أو إلى جوانبهم أو تصطدم بنوافذ السيارة بعنف و تهزها كأنها علبة صفيح ، ثم بدأت من ثم الرمال تتكاثف لتحجب عنهما الرؤية .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

مجموعة من طلاب كلية الطب برفقة أستاذهم ، يزورون مصح الأمراض العصبية و النفسية .

أحد الطلاب يلفت نظره مريض في ريعان الشباب ، جلس على طاولة في أحد أركان القاعة الثالثة ، و قد ملأ جيب قميصه  بالأقلام ، و غرس وراء كل من أذنيه قلما  إضافيا   و  انكب على ورقة بين يديه  يرسم عليها خطوطا متقاطعة   ؛ فتقدم منه و جرى بينه و بين المريض الحوار التالي :

– أنا  محمد الأحمد طالب بكلية الطب ، هل لي أن أتعرف عليك ؟

فحملق المريض في وجهه مليا ، ثم أجابه هامسا :

 

– ألست من المكتب الثاني ( المخابرات ) ؟

– أبدا و الله أنا طالب جامعي و أقوم  مع رفاقي بكتابة بعض الملاحظات عن مرضى المصح ، و قالوا لنا أن مرضى القاعة الثالثة يمكن التفاهم معهم لأن حالاتهم معتدلة .… اقرأ المزيد

 قصة قصيرة : نزار ب. الزين

               جلس  عصام  و جلال  في  مقهى  الأدباء  يتسامران ،  فهما  كاتبان  مغموران ،  لم   يجاملهما  الحظ  بعد ، كما  جامل  نجيب  محفوظ  و  يوسف  السباعي  و توفيق  الحكيم  و علي  القاسمي و  ممدوح  عدوان و غيرهم  من  المشاهير ، و لكنهما  يشعران  بقرارة  نفسيهما  أنهما  أديبان  رغم  معاكسة  الظروف ،  و قد  دئبا  على  الاجتماع  كل  يوم  خميس  في  ركن من  مقهى  الأدباء .

بعد  أن  أخبر  كل  صديقه  بما  أنتج  في  الأسبوع  المنصرم ،  و ما  تم  نشره  في الصحف  المحلية  و المواقع  الألكترونية  بادر عصام   صديقه   بالتساؤل  التالي  فقال :

يقال  يا  أخي  أن  النساء  إذا  تبوأن  مناصب  رفيعة  يصبحن  متزمتات ، متمسكات  بالنصوص و لا  يعترفن  بروح  النصوص ، و يقرأن  السطور  إلا  أنهن  لا  يأبهن  لما  بين  السطور ،  و يتعاملن  بكل  ما  أوتين  من  شدة  مع  مرؤوسيهن  تطبيقا  للوائح بلا  أدنى  مرونة ،  فما  هو  رأيك  يا  صاحبي  بهذا  الطرح ؟

 يصمت  جلال  مفكرا ، يهز  رأسه  يمنة  و يسرة ،  ثم  يجيبه  بتؤدة  و ثقة  عالية  بالنفس  :

 – أنت  يا  عصام ، تقحم  نفسك  فيما  يسمى  بخطأ  التعميم ، فالتزمُّت  الوظيفي  يطال  بعض  النساء  كما  بعض  الرجال ؛  فقد مرَّ  في  تاريخنا  المعاصر  نساء  كثيرات  تبوأن  أرفع  المناصب  و لم  يكنَّ  متزمتات ؛  و إليك  مثلا  رئيسة   وزراء  حكمت  إحدى  الدول  العظمى  عشر  سنين  على  الأقل ،  و التي ….… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

    فِراس صبي في العاشرة

 يعيش في بيت قديم من بيوت الشام العتيقة ذي طبقتين

مبني من الخشب و الطين

 الطين بدأ يتساقط ، و الخشب أخذ يلتهمه السوس  ، و  أكمل التخريب مطر الشتاء ، يحفر مع كل هطل نفقا  لا تراه  العين المجردة ، لكنه يكفي لتسلله إلى الداخل كلص محترف  .

 لم تستطع الأسرة ترقيع السقف أو الجدران ، لقلة  ذات اليد

 و لكن عندما  سكنت عائلة من الفئران ،  فجوات  السقف و الجدران الكثيرة ،..

 اضطرت الأسرة إلى هجر الطبقة العليا برمتها

*****

   أصبحت الطبقة العليا ملعبا لفراس و خَلْوة …

و ذات يوم اكتشف  بجوار نافذة إحدى الغرف عش  دبابير

و منذئذ أصبحت الدبابير شغله الشاغل

خاف منها بداية

أعدادها كبيرة  مائة ) ربما مائة و عشرون   ، ربما أكثر !…… اقرأ المزيد

قصة واقعية

 نزار ب. الزين*

الفصل الأول

دخل إلى مكتب  الأخصائي الإجتماعي مندفعا دون إستئذان

كان وجهه مكفهرا  و أطرافه ترتعش

اقترب من طاولة المكتب و هو يلهث و بشفتين مرتجفتين قال:

– لن أسمح للأستاذ نواف أو لغيره  أن  يضربني !

و بصوت أعلى أضاف :

– من تمتد يده عليّ  سوف ( أشقه شق )

و بصعوبة بالغة تمكن  الأخصائي الإجتماعي  من تهدئته ، عندما اقتحم الباب و بدون استئذان أيضا ، الأستاذ نواف ، رافعا عصاه محاولا الإنقضاض على الطالب ( غصين ) .

هرع الأستاذ منجي ليقف في وجهه محذرا و هو يقول له :

– أستاذ نواف أرجوك ،  لا تنس أنك في مكتب الخدمة الإجتماعية

فأجابه و هو ينتفض غضبا :

– مكتب الخدمة الإجتماعية ، أم مكتب الميوعة الإجتماعية ؟

 ثم أستدارعلى عقبيه  و خرج من المكتب  و هو في أشد حالات الإنفعال .… اقرأ المزيد