أقصوصة

نزار ب. الزين*

      بينما كانت العائلة متوجهة لزيارة الأهل في بلد مجاور ، تعرضت لحادث سيارة كانت ضحيته الوحيدة أم العيال .

كانت أم سالم – رحمها الله – لا تحب التقيد بحزام المقعد ، بينما التزم به  زوجها و أطفالها ،  فنجوا .

عادوا من حيث أتوا  ثكالى محزونين .

واساهم الأهل و الجيران ، إلا جارتهم العانس سعاد ، فقد أبت إلا أن تغمرهم بعطفها متطوعة لخدمتهم ، فما أن يغادر أبو سالم الدار إلى عمله ، حتى تهرع إليهم ، تجهز لهم طعام الإفطار و تعاونهم في ارتداء ملابس المدرسة ، ثم تودعهم لتلتفت إلى شؤون المنزل و كأنه منزل أبويها ..… اقرأ المزيد

قصة

 نزار ب.الزين*

 – اكتملت التأشيرات و يمكننا السفر اعتبارا من صباح الغد !

  لم تكن أم الوليد سعيدة بما سمعت ، و لكنها لم تتفوه بكلمة ،

كانت تشعر لحظتئذ ببعض الكآبة ، فالرجل مريض و نوبات الربو أخذت تتقارب أكثر فأكثر في الأشهر الأخيرة  و نصحه الطبيب بوجوب الإستراحة كلما تسنى له ذلك ، فأين ستكون الراحة في سفر يمخر عباب الصحراء من شرقها إلى غربها؟ .

كانت أم الوليد تحدث نفسها سرا عندما تنبه إلى سرحانها  فقال لها مطمئنا :

– لا تقلقي يا امرأة ، سنجزئ الرحلة إلى مراحل ، فالطريق مخدوم و الاستراحات  تملؤه .

 

كانت الرحلة ميسرة بداية و لكن على حين غرة هبت رياح  شمالية عاتية ، ، كانت تحمل كثبان الرمال عاليا ثم تلقيها مبعثرة فوقهم أو إلى جوانبهم أو تصطدم بنوافذ السيارة بعنف و تهزها كأنها علبة صفيح ، ثم بدأت من ثم الرمال تتكاثف لتحجب عنهما الرؤية .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

مجموعة من طلاب كلية الطب برفقة أستاذهم ، يزورون مصح الأمراض العصبية و النفسية .

أحد الطلاب يلفت نظره مريض في ريعان الشباب ، جلس على طاولة في أحد أركان القاعة الثالثة ، و قد ملأ جيب قميصه  بالأقلام ، و غرس وراء كل من أذنيه قلما  إضافيا   و  انكب على ورقة بين يديه  يرسم عليها خطوطا متقاطعة   ؛ فتقدم منه و جرى بينه و بين المريض الحوار التالي :

– أنا  محمد الأحمد طالب بكلية الطب ، هل لي أن أتعرف عليك ؟

فحملق المريض في وجهه مليا ، ثم أجابه هامسا :

 

– ألست من المكتب الثاني ( المخابرات ) ؟

– أبدا و الله أنا طالب جامعي و أقوم  مع رفاقي بكتابة بعض الملاحظات عن مرضى المصح ، و قالوا لنا أن مرضى القاعة الثالثة يمكن التفاهم معهم لأن حالاتهم معتدلة .… اقرأ المزيد

 قصة قصيرة : نزار ب. الزين

               جلس  عصام  و جلال  في  مقهى  الأدباء  يتسامران ،  فهما  كاتبان  مغموران ،  لم   يجاملهما  الحظ  بعد ، كما  جامل  نجيب  محفوظ  و  يوسف  السباعي  و توفيق  الحكيم  و علي  القاسمي و  ممدوح  عدوان و غيرهم  من  المشاهير ، و لكنهما  يشعران  بقرارة  نفسيهما  أنهما  أديبان  رغم  معاكسة  الظروف ،  و قد  دئبا  على  الاجتماع  كل  يوم  خميس  في  ركن من  مقهى  الأدباء .

بعد  أن  أخبر  كل  صديقه  بما  أنتج  في  الأسبوع  المنصرم ،  و ما  تم  نشره  في الصحف  المحلية  و المواقع  الألكترونية  بادر عصام   صديقه   بالتساؤل  التالي  فقال :

يقال  يا  أخي  أن  النساء  إذا  تبوأن  مناصب  رفيعة  يصبحن  متزمتات ، متمسكات  بالنصوص و لا  يعترفن  بروح  النصوص ، و يقرأن  السطور  إلا  أنهن  لا  يأبهن  لما  بين  السطور ،  و يتعاملن  بكل  ما  أوتين  من  شدة  مع  مرؤوسيهن  تطبيقا  للوائح بلا  أدنى  مرونة ،  فما  هو  رأيك  يا  صاحبي  بهذا  الطرح ؟

 يصمت  جلال  مفكرا ، يهز  رأسه  يمنة  و يسرة ،  ثم  يجيبه  بتؤدة  و ثقة  عالية  بالنفس  :

 – أنت  يا  عصام ، تقحم  نفسك  فيما  يسمى  بخطأ  التعميم ، فالتزمُّت  الوظيفي  يطال  بعض  النساء  كما  بعض  الرجال ؛  فقد مرَّ  في  تاريخنا  المعاصر  نساء  كثيرات  تبوأن  أرفع  المناصب  و لم  يكنَّ  متزمتات ؛  و إليك  مثلا  رئيسة   وزراء  حكمت  إحدى  الدول  العظمى  عشر  سنين  على  الأقل ،  و التي ….… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

    فِراس صبي في العاشرة

 يعيش في بيت قديم من بيوت الشام العتيقة ذي طبقتين

مبني من الخشب و الطين

 الطين بدأ يتساقط ، و الخشب أخذ يلتهمه السوس  ، و  أكمل التخريب مطر الشتاء ، يحفر مع كل هطل نفقا  لا تراه  العين المجردة ، لكنه يكفي لتسلله إلى الداخل كلص محترف  .

 لم تستطع الأسرة ترقيع السقف أو الجدران ، لقلة  ذات اليد

 و لكن عندما  سكنت عائلة من الفئران ،  فجوات  السقف و الجدران الكثيرة ،..

 اضطرت الأسرة إلى هجر الطبقة العليا برمتها

*****

   أصبحت الطبقة العليا ملعبا لفراس و خَلْوة …

و ذات يوم اكتشف  بجوار نافذة إحدى الغرف عش  دبابير

و منذئذ أصبحت الدبابير شغله الشاغل

خاف منها بداية

أعدادها كبيرة  مائة ) ربما مائة و عشرون   ، ربما أكثر !…… اقرأ المزيد

قصة واقعية

 نزار ب. الزين*

الفصل الأول

دخل إلى مكتب  الأخصائي الإجتماعي مندفعا دون إستئذان

كان وجهه مكفهرا  و أطرافه ترتعش

اقترب من طاولة المكتب و هو يلهث و بشفتين مرتجفتين قال:

– لن أسمح للأستاذ نواف أو لغيره  أن  يضربني !

و بصوت أعلى أضاف :

– من تمتد يده عليّ  سوف ( أشقه شق )

و بصعوبة بالغة تمكن  الأخصائي الإجتماعي  من تهدئته ، عندما اقتحم الباب و بدون استئذان أيضا ، الأستاذ نواف ، رافعا عصاه محاولا الإنقضاض على الطالب ( غصين ) .

هرع الأستاذ منجي ليقف في وجهه محذرا و هو يقول له :

– أستاذ نواف أرجوك ،  لا تنس أنك في مكتب الخدمة الإجتماعية

فأجابه و هو ينتفض غضبا :

– مكتب الخدمة الإجتماعية ، أم مكتب الميوعة الإجتماعية ؟

 ثم أستدارعلى عقبيه  و خرج من المكتب  و هو في أشد حالات الإنفعال .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

 نزار ب. الزين*

” فرسان الليل “

” جرذانا و صبيانا “

” جرذاناً من جميع الأجناس “

” صبيانا من جميع المقاسات و الأعمار “

” للجرذان الهزيع الأول من الليل “

” و للصبيان الهزيع الأخير “

“إنهم  يتكاثرون  ، أعني الصبيان لا الجرذان”

” أصبحوا يشكلون عصابات “

” أصبحت لهم قيادات “

” كثيراً ما يتشجارون أو يتصارعون “

همس رياض لزوجته ، كانا يمارسان رياضة المشي  في شوارع الضاحية الأنيقة ،  عندما شاهدا بعض  الصبية يقلبون حاوية قمامة ثم  يعبثون بما فيها …

  ثم أكمل متسائلاً  باهتمام :

” ترى هل أن الأمر مربح إلى هذا الحد  “

” أم أن الفقر تجاوز كل حد ؟ “

فأجابته مؤكدة :

” أفضل من مهنة الشحاذة  على أي حال”

*****

     صبي في الخامسة ، ربما أقل قليلاً أو أكثر قليلاً ،

 يتشبث بكيس يحمله، بينما آخرأكبر منه يحاول إنتزاعه منه .… اقرأ المزيد

     كثيرا  ما أعجبتني كتاباته ، كتب في القصة و في المقال و في الشعر المنثور ، و كان ناجحا فيها جميعا موضوعا و أسلوبا ، و عبر الشبكة الدولية “النت” نشر أدبه في أكثر من موقع ، و ما فتئ يتواصل مع أصدقائه “النتيين” -إن صح التعبير- سواء بالرسائل الألكترونية أو عن طريق الهاتف ، و بعبارة واحدة فقد كان شعوري تجاه جمال ، أنه إنسان مثالي على المستويين الأدبي و الاجتماعي …

و ذات يوم حالك السواد ، و بينما كنت أتصل به –  كعادتي من حين لآخر-  فوجئت بصوت غير صوته ينعي إلي وفاة جمال : ” لقد توفي والدي أمس” ؛ نزل الخبر على رأسي نزول الصاعقة ، فهو لا زال في الخمسينيات من عمره و في أوج نشاطه حتى الأمس ؛ و سرعانما عدت إلى رشدي : “إنه الموت لا يراعي صغيرا أم كبيرا غنيا أم فقيرا و أنه لا حول و لا قوة إلا بالله”

و انتشر الخبر بين المواقع و الزملاء الأدباء الذين نعوه  و الألم يعتصر أفئدتهم …

أما أنا فقد بقي ألم فراق جمال في صدري خلال السنتين التاليتين لوفاته دون أن أتمكن من نسيانه ، إلى أن جاءني اتصال ، يقول المتصل فيه : ” أنا جمال صادق ” ، “ما هذا المزاح الثقيل ” أجبته متذمرا ، ثم أضفت : “و هل أصبح موت الأحبة محلا للمزاح ؟”

و لكنه أقسم لي أنه جمال ، “و ما الذي دفعك لأن تشيع خبر موتك إذا كنت حقا جمال؟” سألته مستهجنا متعجبا فأجابني بعد تردد : ” اعتبره انتحارا أدبيا فقد وصلت قناعتي إلى أن العمل الأدبي لا طائل وراءه و لا  فائدة  ترجى  منه ، كما  أحببت  من  ناحية  أخرى ، أن  أختبر  مشاعر  الناس  تجاهي !”اقرأ المزيد

أقصوصة : نزار ب  الزين

 

    في  جو  ماطر  حوَّل  أرضية  الحارة  غير  المبطلة ،  إلى  طين  لزج ،  في  هذا  الجو  السيء ،  كان    عبد  الرزاق  يسير  نحو  منزل  ابنته ،  و  قد  التصق  حذاءه  بالطين  أكثر  من  مرة ،  فكان   يحرره   منه بصعوبة ،  و  لكن  ما  أن  شاهد  الشيخ  عبد  الله  زوج  ابنته  خارجا  من  منزله ،  في  طريقه – على  ما    يبدو- إلى  جامع  الحي ،  فهو إمامه ؛  حتى  استوقفه  عبد الرزاق ،  ثم  بادره  لائما  حول  سوء  معاملته  لابنته  مؤخرا  :

–  سمعتك  مراراً  تنصح  الناس  بضرورة  الرفق  بزوجاتهم ،  فأحرى  بك  أن  تطبق  نصائحك  على  نفسك ،  فبأي  حق  تهين  ابنتي  بالأمس  و  تضربها   حتى  أدميتها ؟  و  قد  أكدت  لي  أمها  أنها  ليست  المرة  الأولى …ألم  تقل  في  خطبك  مرات  و  مرات  “رفقا  بالقوارير”  ؟

 و  بكل  صفاقة و  صلف  لا  تتناسب  مع  مكانته  كإمام ،  أجابه :

* لقد  أنقدتك  مهرها  بالكامل  فهي  ملكي !  … اقرأ المزيد

أقصوصة : نزار ب. الزين

.

       في ذكرى وعد بلفور نظم  طلبة الجامعة و المدارس الثانوية تظاهرة ضخمة ندد خلالها المتظاهرون بالوعد المذكور ، و قد بلغ الحماس أشده عندما اقتربوا من مبنى المجلس النيابي ، فأخذوا يرددون هتافات بلغ صداها عنان السماء :

 << يسقط بلفورعميل الصهيونية >>

<< يا عزيز يا عزيز داهية تاخد الإنكليز >>

<< فلسطين بلادنا ، و اليهود اعْدانا >> ….

ثم …

و على حين غرة ،

لمح  “عصام” غريمه “نعيم” الذي استقوى عليه منذ أيام ، فأهانه و أوسعه ضربا حتى أدماه ، فصاح “عصام” بأعلى صوته مشيرا إلى “نعيم” :

<< يا شباب …هذا يهودي ..… اقرأ المزيد