أقصوصة واقعية

نزار ب. الزين

         في  مصيف جميل في أعلى  تل الهوا  ، استأجرت مصطافة من العاصمة  واحدا من أجمل بيوتها ؛ و قد أصبح واضحا لأهل القرية أنها سيدة ثرية فهي تنفق بسخاء ، و ترتدي أحلى الثياب ، و تملك سيارة أمريكية فارهة ؛ و أصبح واضحا لهم أيضا  أن أحدا من العاصمة لم يزرها حتى اليوم ، مع أن موسم الإصطياف قارب من منتصفه ؛  << ترى من تكون و إلى أية عائلة تنتمي ؟ و من أين لها  كل هذا المال ؟؟ >> كان أهل القرية يتساءلون .؟.؟.!.

كان اللغط يدور بين نساء القرية قبل رجالها حول غموض هذه السيدة  ، و لكن أحدا لم يجرؤ على سؤالها !… اقرأ المزيد

      حيى  سليم  أفندي  رئيسه  بحرارة ،  معتذرا  عما  بدر  منه  أمس ، معترفا  بانه  أساء  الأدب ،

 ثم …

اندفع   نحوه   فقبل   رأسه ،

ثم …..

 انسحب   من   الغرفة    مستأذنا .

***

بعيد  ذلك  ،  قدمت  السكرتيرة  هاشة  باشة  على  غير  عادة ،  حاملة  كومة   من  الأوراق ، وضعتها  على  المكتب ،  ثم  وقفت  تنتظر  أوامر المدير ،   و الابتسامة  العريضة  لا  تزال   تزين وجهها  ،  و  بعد  أن  قرأها  و وقع  ما  يحتاج  منها  إلى  التوقيع ،  دفعها   إليها ،

ثم…….

 أعطاها تعليماته حولها ،  و هي ما فتئت  تكرر عبارة  : ” أمرك  ابراهيم  بك  !.. حاضر ابراهيم  بك  !… اقرأ المزيد

نزار ب. الزين

  إثر إحدى الهجمات الشرسة لمغتصبي الأرض من بني صهيون ، فقدت أم خليل الزوج و الأخ كما فقدت البيت و الأرض ، و لكنها تمكنت بعد رحلة شاقة من النجاة  مع ولديها خليل و عائشة ، و الإنضمام إلى اللاجئين في عاصمة إحدى بلدان بني يعرب  ..

و على العكس من قريناتها إستطاعت تحويل فجيعتها  و فجيعة شعبها إلى طرائف ساخرة ، فأخذت تروي مواقف ضاحكة حصلت أثناء الحصار ، و خلال رحلة الفرار ، و ظروف اللجوء ؛ بشكل لوذعي يضحك من يسمعها و هو يبكي ، كما اشتهرت بتدبير المقالب الطريفة ..

و ذات يوم و بينما كانت تتمشى في السوق الكبير متجهة إلى عملها كخادمة غير مقيمة ( لفّاية ) في أحد  بيوت  الأغنياء ، لمحت واحدة من  معارفها ، فأخبرتها  و قد عقدت حاجبيها علامة الجدِّية : << الدوليون سيوزعون عصر اليوم إعاشة ، ألا تدرين ؟ >> ثم أكملت طريقها و هي تضحك في سرها …

و في طريق عودتها من بيت مخدومها عصر ذلك اليوم إلى حيث تقيم ، شاهدت أعدادا كبيرة من إخوانها اللاجئين في طريقهم  نحو مركز المدينة و كل منهم  يحمل  ما  لديه  من  أكياس  فارغة ، سألت   أحدهم   فأجابها : << الدوليون  يوزعون  إعاشة ، ألا تدرين ؟ >>  ثم  أكدت  لها سيدة  أخرى الخبر  ثم  ثالثة  ثم رابعة ..… اقرأ المزيد

.

          الهاشمي  وليٌّ لا أحد يعرف اسمه الحقيقي أو سبب الاعتقاد أنه من أولياء الله الصالحين ، أو لماذا بني له هذا المقام ذو القبة الخضراء ؟! فحتى شاهد قبره محا  الزمان ما كُتب عليه .

 أما أغلب رواده فمن النساء من طالبات الحاجة ؛ فبعد أن تدفع الواحدة منهن ما فيه النصيب لحارس المقام ، تتقدم نحو القبر فتتلو الفاتحة ،

ثم …

تهمس للولي بحاجتها  !!!!

ثم ….

تربط منديلا  أو قطعة من قماش على السور القصير المحيط بالقبر ، لعلها بهذه العلامة تذكِّر الوليّ بحاجتها .

و يعيش في المقام حارسه مع زوجته و اثنين من أطفاله ، فيتحول المقام ليلا  إلى غرفة نوم ، و في زاوية منه تقوم الزوجة بالطهي و غسل الصحون حينما  يخلو من زائراته .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة واقعية

نزار ب. الزين

  بعد سهرة طويلة في بيت رئيس مخفر  قرية الغدير ، ترك الأستاذ مروان المضافة في طريقه إلى سكنه في المدرسة ، و في يده  عصا ، يهش  بها  الكلاب  الضالة  إذا صادفته  ،  و بيده  الأخرى  ضوء  بطارية ( فلاش ) ، كان يضيئه  من حين لآخر  تجنبا للتعثر بالحجارة التي كانت تملأ الطريق .

كانت تلك هي المرة الأولى التي يتأخر فيها مروان حتى انتصاف الليل ، أما السماء فكانت صافية و الهواء عليلا ، إلا أن القمر كان في أواخر أيامه فلن يظهر قبل الفجر ، و لكن أضواء النجوم كانت كافية لتريه طريقه  بمعاونة ضوء البطارية ..… اقرأ المزيد

في دار  للأيتام  ، و بعد   أن  جفف  ذو  الخامسة   دموعه   ، خط  على  الأرض   رسما   شبيها   بامرأة ، و كتب إلى جانبها : “ماما”

***

 حين  أطفؤوا  الأنوار  استعدادا   للنوم ،

و بعد دفق جديد من الدمع ،

استلقى  على  الأرض  إلى  جوار  الصورة ،

ثم …..

غفا ! .

 نزار  بهاء  الدين  الزين
سوري مغترب… اقرأ المزيد

أقصوصة واقعية

نزار ب. الزين*

    اين ابتسامتك اللطيفة يا أستاذ حسن ؟ تلك الإبتسامة التي لم تكن لتفارق فمك ؟

ترى هل هو هم الزواج ؟ أم ترى هو هم المعاش ؟

لم يجبني بكلمة واحدة ، إلا أن دمعة غالبها فغلبته ، تدحرجت فوق خده المصفر …

كان ذلك آخر لقاء لي به ، فقد قرأت نعوته بعد بضعة أيام .

     الأستاذ حسن كان مدير المدرسة التي كنت أعمل بها ، و قد تميز بإنسانيته و دماثته، و تعامله مع موظفيه من معلمين و مستخدمين و كأنهم إخوته ، و يوجههم كأنه والدهم ، و يرعى التلاميذ و كأنهم أبناؤه …

    كان جم النشاط و في منتهى الحيوية داخل المدرسة و خارجها ، ففي المدرسة كان لا يهدأ ، و مقعد مكتبه كان في حالة شوق دائم إليه ، أما خارجها فكان له عدة نشاطات و من أهمها مشاركته مع بعض زملائه المديرين و المفتشين ، في إنشاء نقابة للمعلمين ، لم تلبث الوزارة ثم الحكومة أن اعترفت بها ..… اقرأ المزيد

أقصوصة واقعية

 نزار ب. الزين*

     أجابني صديقي عبد الله و قد اغرورقت عيناه بالدموع :

– ليس لي إخوة ولا و لن أعترف بأخوتهم ، و لم ألقِ بالتحية على أي منهم منذ كنت في الخامسة عشر ، لا تقل لي صلة الرحم ، فصلة الرحم لمن يقدرها .. “

ثم أردف بعد ان مسح دمعة نفرت من عينه مرغما :

– هم ثلاثة من أمي و أبي ، و كان والدي قد صعد إلى الملأ الأعلى و ما لبثت والدتي أن تبعته بعد أشهر ، كانوا يتجارون بالماء ، فلم تكن دولتنا تمتلك مصنعا لتحلية مياه البحر بعد ، و لم تكن ثمة طرق برية تربطنا بالشمال ، فكانوا يحملون خزانات في سفينة يمتلكونها ، يبحرون بها نحو شط العرب فيملؤونها بالمياه العذبة ، ثم يعودون بها  لبيعوها  محققين  أرباحا  مجزية ..… اقرأ المزيد

قصة

 نزار ب. الزين*

        هل  سمعت ياسيدي المحقق بالأهداف الخمسة أو ما يسميه إخواننا المصريون : ( العَينات الخمسة ) ؟

خوفا من أن تظن – ياسيدي – أنني أقدم إليك أحجية ، ومع أن الكثيرين سمعوا بهذا الشعار  و الكثيرين غيرهم طبقوه دون أن يسمعوا به ، و بالرغم من تخميني  بأنك لم تسمع به من قبل – ذاك باد من ذهول عينيك – اؤكد لك  أنه شعار لا علاقة له بالعيون التي في طرفها حور أو بعيون الماء القراح السلسبيل ، و لما كنت لا أحب الإستطراد ، فسأبادر فورا  إلى شرحه لك في الحال .

إنه يا سيدي  شعار الإنسان الطموح  من وجهة نظر قِطاع عريض من البشر ، و لكن الطموح يقاس عِلميا بمؤشر ذي أربع درجات مرتبطة كلها بغريزة التملك  و هي أولها  ، ثم الطموح أو السعي إلى الأفضل ، ثم الطمع و هو السعي إلى طلب المزيد  و أخيرا الجشع و هو الشراهة المطلقة إلى جمع المال  و عدم الشعور بالإكتفاء  .… اقرأ المزيد

قصة قصيرة بقلم

نزار ب. الزين

        تعرَّفَت سلوى عليها  في أحد الأعراس ، و تصادف أنهما كانتا تعيشان في نفس الحي ، فأخذتا من بعد تتزاوران ، ثم بدأتا تخرجان معا للتسوق أو التسكع في الأسواق . كانت نورا صديقتها الجديدة هذه ، مغرمة بشراء الملابس و أدوات التجميل و العطور ، تختار منها أفخرها و أغلاها ثمنا ، و يبدو أنها تدرك تماما إمكانياتها الفيزيائية ، فهي ممشوقة القد ، فارعة الطول ، تغلفها مسحة من الجمال الشرقي الجذاب ، كما يبدو أن مهنة عرض الأزياء كانت و لا زالت حلمها المفضل .

          كانت دوما تدخل و تخرج من غرف القياس في المحلات الكبرى ،  و هي في أقصى حالات الجزل  و المرح ، فتتمختر بما تجربه من ملابس بخطوات راقصة كما تفعل العارضات ، على إيقاع صفير منغم يخرج من فمها عذبا ، فتضحك  سلوى  و تصفق لها مشجعة ، بينما ينظر إليها موظفو المحل خلسة  و قد فتنتهم بجمالها و قدها المياس  و حركاتها الرشيقة…

كانت مرحة و مسلية ، أحبتها سلوى من كل قلبها ، و تمكنتا معا من التغلب على ساعات السأم  و الضجر الصباحية .… اقرأ المزيد