أقصوصة

نزار ب الزين*

      زرع  “المستر جورج” غرسة “الواوونا” في حينا ، نمت بسرعة مذهلة ، و خلال ستين عاما أصبحت شجرة عملاقة ، امتدت أغصانها تناطح السحاب و تغلغلت جذورها في أعماق الأرض ،  و لكن جذورا أخرى منها أخذت تتطاول قريبا من  سطحها كأخطبوط أسطوري بمائة ذراع…..

فبدأت تبرز من أرضيات البيوت فتخربها …

ثم ..

أخذت تدفع  جدران البيوت فتهدمها…

حاول سكان الجوار قطعها ، فمنعهم مجلس الحي …

ثم …

تقدم  سكان الجوار بشكوى إلى هيئة مجالس الأحياء المتحدة ، و بعد جدال طويل تقرر الإبقاء على الشجرة و تعويض السكان المتضررين ….

ثم ….

تهاوى المنزل الأول و لم يعوض صاحبه أحد..… اقرأ المزيد

ق ق ج

نزار ب. الزين*

كثر الحديث ، عن المشردين – و يطلق عليهم في أمريكا  ” هوم لِس ” أي من لا بيوت لهم – و كيف أنهم انتشروا مؤخرا عند تقاطعات الإشارات الضوئية بشكل لافت ، و فيهم نساء و رجال ، شبان و شيب .

    ” لعل ذلك راجع للأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد” علق رئيس تحرير صحيفة ” الزمن ” اليومية ، ثم كلف الصحافي “دنييل ” بكتابة تقرير متكامل عن هذه الظاهرة ..

   و لكي يكون تقريره صادقا ، أراد “دانييل” بداية أن يختبر الناحية الربحية لهؤلاء ، فترك العنان للحيته لتنمو عدة أيام ،

ثم …

ارتدى ملابس رثة ،

ثم ….… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب. الزين*

    قبل عشر سنوات ، تخرجت  من  إحدى  دول حلف  وارسو أيام  الإتحاد السوفييتي سابقاً .

إلتحقت بأهلها في أمريكا التي هاجروا إليها مؤخرا .

فوجئت أن عليها معادلة شهادتها لتتمكن من مزاولة الطب .

دخلت إختبارات المعادلة خمس مرات دون أن تفلح !

نصحها كل من والديها أن ترضى بأي عمل فذلك أفضل لها من المكوث بين جدران البيت .

تجيبهم : ” أنا دكتورة “

قدمت طلبات العمل في عدد من المشافي و المجموعات الطبية .

عرضوا عليها الإشراف على مختبر في أحد المستشفيات ، عادت بعد المقابلة مكتئبة ؛ يحثها والدها على  قبول  العمل ، أفضل  من  التجمد  خلف  التلفاز ، ترفض  باكية  و هي  تجيبه :     ” أنا دكتورة “

عرضوا عليها ، أن تكون في سلك التمريض إسميا و مساعدة للطبيب عمليا ، عادت بعد المقابلة مكتئبة ، تحثها والدتها على قبول العمل ، افضل لها من قضاء الساعات خلف الحاسوب  ، ترفض باكية و هي تجيبها : ” انا دكتورة “

إزدادت عزلتها ، تقوقعت في غرفتها ، ذاب لحمها ، تحولت إلى كومة من جلد و عظام ، تقول لها شقيقتها ، إقبلي بأي عمل – يا أختاه – حتى لو كان مجرد ممرضة ، فذلك أفضل من الفراغ ، فالفراغ قاتل يا أختي ؛ تجيبها غاضبةً : ” انا دكتورة “

و ما زالت حتى اليوم تردد عبارتها التقليدية بعصبية متنامية :     ” أنا دكتورة “

——————

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترباقرأ المزيد

ق ق ج

 نزار ب الزين*

حدثني صاحبي فقال :

     نتردد أنا وزوجتي من حين لآخر على  نوادي المسنين ، للتعارف أو المطالعة ، ، و نتناول طعام الغداء هناك أحيانا ؛ و ذات يوم  اشارت لنا إحدى معارفنا  نحو  رجل  يجلس  في  وسط  القاعة  ثم قالت  لنا : ” إنه عربي مثلكما ، و إسمه فوزي ! “

، فتوجهت على الفور نحوه ..

ثم ..

قلت  له  مهللاً  فرحاً : ” مرحبا  يا  سيد  فوزي !! ”  و لذهولي  و دهشتي  ،  أجابني ممتعضا  و بكل جفاء : ” أرجوك ، لا  تخاطبني  بالعربية “

———-

*نزار بهاء الدين الزين

   سوري مغترب… اقرأ المزيد

أقصوصة في حوار

نزار ب. الزين*

بعد أن ودعته الوداع الأخير ،

و ذرفت ما ذرفت من دموع اللوعة ،

و بينما هي مسترخية على كرسيها الهزاز تفكر في أيامه المؤلمة الأخيرة ..

رن جرس الهاتف :

– من معي من فضلك

= أنا يوسف ابن المرحوم عطا الله اليوسف !

– تشرفنا !

= فقط أحببت أن أسألك ، متى ستخلين البيت ؟

– أخلي البيت ؟! و لِمَ عليَّ أن أخليه ؟

= لأنني بحاجة إليه ، لا تنسي أنني وريث المرحوم الوحيد ؟

– و لكنه بيتي ، وهبه لي المرحوم !

يصيح بأعلى صوته :

= نعم ؟؟؟

هذا نصب و احتيال يعاقب..… اقرأ المزيد

أقصوصة
نزار ب. الزين*

*****

       أبو مروان  و أم مروان يديران معا عملا مشتركا جعلهما يتعرفان على عدد كبير من بني يعرب في المهجر .
و هما تقيان ورعان ، لا تفوتهما فروض الصلاة أو سننها أو حتى أنفالها .
و عند لقاء أصدقائهما ، تعتذر أم مروان بأنها لا تصافح الرجال ، أما أبو مروان فهو أقل تزمتا ، إذ يضع فوق يده منديلا يصافح من ورائه زوجات أصدقائه أو زبائنه من النساء.
و هما يحفظان عددا كبيرا من المحرمات يرددانها حالما تسنح الفرصة ، فمثلا ، التصفير حرام ، لأنه يجلب الشياطين ، و قص الأظافر في الليل حرام ، أما زيارة المريض يوم الأربعاء فحرام ، و التسوق يوم الأربعاء حرام أيضا ، أما التدخين – و كلاهما من المدخنين الشرهين – فليس حراما إذ لم يرد فيه أي نص تحريم ..… اقرأ المزيد

أقصوصة

 نزار ب. الزين*

             قيل  له إذا عثرَ على  سِنت**  فإن ذلك سيجلب الحظ  له !

و ذات يوم …

و بينما كان يمارس رياضة المشي ، عثر عليه يلمع بجوار سيارة ، فرح به ، إنتشله ؛ وضعه بحرص شديد في أعمق جيب من جيوب بنطاله ؛ ثم توجه فورا إلى دكان لبيع  بطاقات  اللوتري **  .

و منذئذ و هو  يتعمد المشي  و عيونه مسمَّرة نحو الأرض ، لم يعد – كما كان –  يهتم بالأزهار و لا الأطيار و لا الأشجار ، يصبح همه الوحيد أن يعثر على السِنتات  أنَّى يراها ، و يشتري  بمقابل  كل  سِنت  يجده  ورقة  يانصيب  ثمنها  دولار واحد ، منتظرا ظهور نتيجة السحب بفارغ الصبر …

و ذات يوم ….… اقرأ المزيد

قصة قصيرة

نزار ب الزين*

اعتاد  فادي على ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة يوميا في حديقة الحي المجاورة لبيته ، و بخلاف الفائدة التي كان يشعر بها ، فقد كان يستمتع  بمصافحة كل شجرة أو شجيرة و عناق كل زهرة أو فراشة ؛ و اكثر ما كان يطربه ، زقزقزة العصافير الدورية و أبي الحناء ، و هديل الحمام و اليمام ، أما الشحارير فكانت المطربة الرئيسية في جوقة الأطيار ، فكان يقلد صفيرها باتقان حتى لتخاله يخاطبها و تخاطبه ، أما العصفور الطنان فكان يوقفه مشدوها ، هذا المعجزة الذي يزيد قليلا عن حجم فراشة و الذي لا يمكن لعين مجردة أن تتابع حركة جناحيه السريعين ، ما أن يشاهد زهرة حتى يتوقف في الفضاء ليمتص رحيقها ، و كأنه امتلك القدرة على مقاومة الجاذبية الأرضية ، فيتوقف فادي عن السير حتى يمضي الطائر مختفيا عن الأنظار بسرعة البرق.… اقرأ المزيد

بقلم : نزار ب. الزين *

 

     ما كادت  تنهي فطورها ، حتى رفعت مسرة الهاتف ، و هتفت و قد أشرق وجهها بابتسامة حانية

–  صباح الخير يا بني ، قالت له متلهفة ، فأجابها :

– صباح الخير  ماما … خير ؟

– كل الخير إنشاء الله  يا حبيبي !

أشعر بالوحدة ….

و اشتقت لأحفادي …

و أريد أن آتي لرؤيتكم  !

يخيم الصمت  لفترة ، تظن أن المكالمة قطعت لسبب ما ، و لكن سرعانما تأتيها الإجابة جافة كصقيع الشتاء :

– ماما ، في الأسبوع الماضي فقط ، كنت في زيارتنا ؟؟؟!!

تقع مسرة الهاتف من يدها….… اقرأ المزيد

قصة  واقعية

نزار ب. الزين*

*****

       بيوتنا و شققنا كلها مصنوعة من الخشب ، استنزفنا غابات  العالم الثالث فتسببنا بهجرة ألوف البشر هربا من الفقر .

و لأن  بيوتنا من الخشب  فإننا  نسمع أحيانا ما يدور في شقق جيراننا و خاصة عندما  تعلو الأصوات .

و منذ أن سكنت جارتي الجديدة و هي في العشرينيات من عمرها لا أفتأ أسمع ليلة كل مطلع شهر نحيبها  و صياحها  و صرخات  استغاثاتها  .

تعجبت  لهذا الوضع ، و بسبب أن الناس هنا من أصول و أعراق مختلفة ، فإن التواصل الإجتماعي شبه معدوم ، أقصى ما يمكن أن تقابل به جارك عبارة ( هاي ) و مع ازدياد الود و الإلفة ،  قد تتحول العباره إلى ( هالّوو ) و ليس أكثر من ذلك .… اقرأ المزيد