أقصوصة

نزار ب. الزين*

    في الثاني و العشرين من شهر حزيران/يونيه عام 1958

بعد احتفاله بعيد ميلاده السبعين ، رأى سليمان السموري فيما يراه النائم ، أنه أمام عدَّاد زمني كبير ، يعرض الثواني و الدقائق و الساعات و الأيام و الشهور و السنوات  ، كان العداد يدور ، و الأرقام تتحرك ، بعضها كان بطيئا و بعضها الآخر كان يسابق الريح ، و فجأة توقف العداد عند تاريخ الثاني و العشرين من حزيران/يونيه 1961 .

لم يتمكن من تفسير الحلم الذي شغله و أقلقه ، فاقترحت عليه زوجته أن يطلب تفسير حلمه من عرافة ذاع صيتها .

” من المؤسف أن أخبرك ، أن عمرك سينتهي في ذلك التاريخ ، إنها إشارة سماوية ، فهيئ نفسك للعالم الآخر ..”… اقرأ المزيد

أقاصيص

نزار ب الزين*

    -1-

    بدا كل شيء عاديا ذلك اليوم  من أيام بدايات الصيف

رمال الشاطئ الذهبية الممتدة على المدى يمنة و يسرة بدت نقية و براقة  ، و ماء البحر كان صافياٍ ، و قد شرّع ذراعيه يدعو المستجمين إلى أحضانه ، فلا موج يصفع السابحين ، و لا حجارة تعرقل الخائضين ، و تحالفت الشمس مع صفائه  ، فلم ترسل لظاها بعد ليلسع جلودهم ؛ فكنت من أوائل من استجابوا لندائه .

داعبت ماءه  و داعبني ، بل كنت أشعر و كأنه يحملني بيديه الحانيتين ، و يهزني برفق  و يهدهدني ؛ و إن أنا في نشوة الإنتعاش ببرودة مائه ، إذا بشاب على بعد أمتار مني ، يتخبط و يصيح مستغيثا : ” لقد وقعت في حفرة ، أنا لا أجيد السباحة ، أغثني “

لم أتردد لحظة ، تقدمت نحوه أشق الماء بكل ما أوتيت من قوة ، و لكنني تذكرت فجأة تعليمات الإنقاذ ، التي كنت قد قرأتها ذات يوم ، فعدت القهقرى ، ثم التففت نحوه من الخلف ، و إذ اقتربت من ظهره ، بدأت أدفعه دفعا ، حتى بلغت به شاطئ السلامة ..… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب. الزين*

كان صراخ الطفلة ذات الثمانية عشر شهرا يتزايد ، نهض أبو راشد من فراشه و توجه نحو غرفتها ، عندما لمح ضوء غرفة الجلوس ساطعا و ثمت حديث يدور بين إبنه و زوجته  ، فعاد أدراجه نحوهما :

–          لعلكما لم تسمعا صراخ الطفلة !

قال منبها فأجابه ابنه :

–          بل نسمعه و نتجاهله  متعمدين ، إنه ( دلع ) الأطفال ، بابا ، ليس ما يستوجب قلقك .

عاد أبو راشد إلى غرفته ، لم يتمكن من الاستلقاء فصوت الطفلة يتعالى و صراخها أصبح صادراً من الصميم ” لا يمكن أن يكون مثل هذا الصوت تدللا ” همس لذاته ، و لكنه سكت على مضض .… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب. الزين*

 

قَدِمَ وفد رياضي جامعي من بلد عربي شقيق للمشاركة في عدد من الألعاب الرياضية ، و تم توزيع الضيوف على عدة مدارس داخلية ، و قد تسلم الأستاذ عدنان مسؤولية الضيوف المفرزين إلى إحدى الكليات الجامعية ، و حددت مسؤوليته في تأمين الراحة التامة للضيوف و خاصة تقديم ما لذ و طاب من الأطعمة الشامية اللذيذة في أوقاتها ، و وضعت وزارة التعليم العالي تحت تصرفه عددا من خريجي معهد الفندقة  للمساعدة في ترتيب الموائد و تقديم الوجبات – المتعاقد عليها مع أشهر المطاعم في أوقاتها .

 

في جولة تفتيشية مفاجئة ، لاحظ الأستاذ عدنان ، في عمق ثلاجتين على الأقل ، شطائر مكتنزة تلفت النظر ، فتح إحداها ، و لدهشته وجدها منتفخة بما يزيد عن نصف كيلو غرام من الزبدة .… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب. الزين*

   في اليوم الأول : لمحها فقرع قلبه محدثا دويا أصم أذنيه ..

في اليوم الثالث : بادلته ابتسامته ، فكاد قلبه يخرج  من جنبه ، و أوشكت عيناه أن تنزلقا من محجريهما ، و همس لذاته : “إنها صعقة الحب ! ”

أما هي فقد عادت إلى منزلها و قد اضطرب كيانها كله ، و أحست أنها تحلق في فوق قوس قزح  ، و شعرت أنها ملكت الدنيا و ما فيها ، و همست لذاتها : ” لعلها صعقة الحب ؟! ”

في اليوم الخامس : لم يعد يطيق صبرا ، فطلب من أمه أن تخطبها له ..… اقرأ المزيد

أقصوصة

نزار ب. الزين*

اشتبهت أم منذر  بأن اللفاية* أم حسين  تسرق من المطبخ ما يمكنها سرقته ، حدثت بذلك والدتها الزائرة ،

سمع منذر ذو العاشرة ، الحديث ،

فكمن في أواخر النهار – تطوعا – في سقيفة* المطبخ .

شاهدها بأم عينه ، تنتقي بقايا طعام من صفيحة القمامة ، ثم و هي تضع أشياء أخرى في جيوب إضافية دستها تحت ثوبها .

هبط من السقيفة مسرعا ،

خرج من المطبخ يسابق الريح  و هو  يصرخ فرحا ، كما لوكان قد اكتشف كنزا  :  ” لقد ضبطتها .. لقد ضبطها متلبسة ! ”

قدمت على عجل كل من  الوالدة و الجدة ، التي كانت في زيارة الأسرة ،

أمسكتا بتلابيبها و بدءتا في تفتيشها ؛

و هي صامتة مستسلمة ، بينما كانت دموعها تجري  فوق خديها ،

كشفتا ثوبها فظهرت الجيوب الخفية ،

ثم بدءتا بإخراج المسروقات :  لفيفة ورقية تحوي بعض الشاي ، و اخرى بعضا من السكر .… اقرأ المزيد

سألتها  الداية* :

 – لا مؤاخذة ، من والد الجنين ؟

صمتت قليلا ثم قالت لها باستحياء :

 –  المرحوم !

أعوذ بالله  ، والدك ؟  سالتها مذعورة  كمن لدغتها أفعى !!

– المرحوم ليس والدي بل  زوج أمي …

– هو أيضا محرم عليك ، كيف حدث هذا ؟

أجابتها باكية :

– توفيت والدتي منذ كنت في الرابعة ، و هو الذي رباني و دللني ،

ثم ..

نمت في أحضانه منذ التاسعة ،

و لم أجد من يخبرني أن هذا حرام !!!

***

صمتت الداية طويلا ، زفرت ،

ثم … حوقلت ،

ثم …هزت برأسها يمينا و يسارا أكثر من مرة ،

ثم ….أجابتها  … اقرأ المزيد

– تتجاوز قصصي القصيرة غير المطبوعة المائتي قصة و أقصوصة
إضافة إلى  :

–  ثمانية أعمال روائية صغيرة ذات طابع وطني تحت مسمى كيمنسانيا

 ( الكيمياء الإنسانية )
  ثمانية أعمال روائية صغيرة تحت عنوان كنز ممتاز بك
  عمل روائي طويل واحد

 تحت عنوان عيلة الأستاذ

– عشر حكايات للأطفال
– عدد من الدراسات الأدبية و الفكرية نشرت في الصحف الكويتية (الراي العام – القبس – الوطن ) و العربية في أمريكا ( أنباء العرب – العرب ) و بعض المواقع الألكترونية المهتمة بالأدب .
أما عني شخصيا فأنا :
– نزار بهاء الدين الزين
– من مواليد دمشق في الخامس من تشرين الأول ( أكتوبر ) من عام 1931
– بدأت حياتي العملية كمدرس في دمشق لمدة خمس سنوات
– عملت في الكويت كأخصائي إجتماعي و مثقف عام ، لمدة 33 سنة قبل أن أتقاعد عام 1990، إضافة إلى عملي الإضافي في صحف الكويت .اقرأ المزيد

أقصوصة  :  نزار  ب.  الزين

         اقتضى  إصلاح  التمديدات  الصحية  عدة  أيام  ،  مما  أتاح  لفايز  ملاحظة  ما  يجري  في  المطبخ  ،  كما  أتاح  له  التقرب  من  من  اسماعيل  و هو  أحد  مساعدي   الطباخ .

و  ذات  يوم   استبد  بفايز   الفضول   فاقترب  من  اسماعيل  و  سأله   متعجبا :

– لَمِ   تصنفون   بقايا   الطعام ،  طالما  أنه  سيرمى  في  صندوق   القمامة   آخر  الأمر ؟

ضحك  اسماعيل  و  هو  يجيبه :

= هذا  سر  المهنة  يا  صاحبي !

فضحك  فايز  بدوره  و هو  يرد  عليه :

– لا  تخشَ على  المهنة  يا  أخي  ،  فأنا  راضٍ  عن   مهنتي  و  لن  أتركها  لأصبح   طباخا  .… اقرأ المزيد

ق ق ج

نزار ب الزين

-1-

في الذكرى السنوية الأولى لوفاة والده ، أحيي الأستاذ عبد الباقي المحامي الذكرى بدعوة من يعرفه من رجال حيّه ، و بعد تلاوة آيات من القرآن الكريم ، دُعي الضيوف لتناول ما لذ من أطايب الطعام ،

ثم …

و قبيل انصرافه ، اقترب  أحدهم من الأستاذ مودعا  و  بصوت متهدج قال له : “رحم الله الوالد رحمة واسعة ،

ثم ….

و بعد فترة صمت بدا فيها الرجل في غاية الخجل و الإحراج ، قال : ” لا تؤاخذني يا أستاذ ، فقد حملت حصتي من الطعام للعيال ، أرجو ألا أكون قد أسأت الأدب !… اقرأ المزيد